سلام من القاهرة: لبنان ومصر شريكان في الوجدان والتاريخ والمصير


في إطار زيارته الرسمية إلى القاهرة، عبّر رئيس مجلس الوزراء نواف سلام عن سعادته بالمشاركة في حفل افتتاح المتحف المصري الكبير، واصفًا هذا الصرح الحضاري بأنّه “شاهد على عبقرية أبناء وادي النيل وإبداعهم منذ فجر التاريخ”.

وأوضح سلام أنّه شارك في اجتماع اللجنة العليا اللبنانية – المصرية المشتركة، حيث جرى نقاشٌ موسّع حول مجالات تعاون متعددة تمسّ حياة المواطن في البلدين، مشيرًا إلى أنه تم توقيع خمس عشرة اتفاقية ومذكرة تفاهم، مؤكّدًا في ختام الاجتماع أنّ “ما يجمع لبنان ومصر أعمق من الاتفاقيات، فالعلاقات بين البلدين ليست وليدة ظرفٍ سياسي أو اقتصادي عابر، بل علاقة وجدانٍ وتاريخٍ ومصيرٍ مشترك”.

وأشار سلام إلى أنّ “منذ بدايات النهضة العربية الحديثة، كان اللبنانيون والمصريون شركاء في الفكر والثقافة والفن والإعلام”، مستذكرًا محطات التعاون التاريخي “من بيروت إلى القاهرة، ومن الجامعة الأميركية إلى الأزهر الشريف، ومن بطرس البستاني إلى طه حسين، ومن الرحابنة إلى أم كلثوم”، مؤكدًا أنّ هذه العلاقة “نسجت خيوطها على مدى عقود فأضاءت سماء العروبة وأغنت وجدانها”.

ومن على منبر جامعة الدول العربية، شدّد سلام على أنّ العالم العربي بحاجة إلى إعادة بناء مفهوم الأمن القومي العربي على أسس حديثة، موضحًا أنّ “الأمن لا يُختزل في البعد العسكري وحده مهما كانت أهميته، بل يجب أن يشمل الأبعاد الاقتصادية والتعليمية والتكنولوجية والاجتماعية”، معتبرًا أنّ “الأمن العسكري ركن أساسي لكنه غير كافٍ ما لم يُدعَم بالأمن الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي، لأنّ البنادق لا تحمي وطنًا جائعًا ولا مجتمعًا منقسمًا على ذاته، ولا دولةً عاجزةً عن إنتاج المعرفة”.

وأضاف سلام أنّ القضية الفلسطينية “تبقى في قلب التحديات العربية، فهي تختصر في ظلمها معنى الغياب العربي، وفي صمودها معنى الأمل العربي”

وأكد رئيس الحكومة أنّ فهم المصلحة المشتركة في معناها الأعمق “لا يقوم على صفقة آنية بل على نظام حياة مشترك، ينطلق من إدراكٍ متبادلٍ بأن ازدهار كل دولة عربية هو ضمانة لازدهار جاراتها، وأن الخسارة في أي ركن من أركان الأمة هي خسارة للجميع”.

وقال سلام: “علينا أن نتعلّم كيف نحوّل المصلحة المشتركة إلى حاجة، والحاجة إلى التزام، والالتزام إلى فعلٍ دائم، فحين تصبح الشراكة حاجةً، يتحرّر العمل العربي من موسمية الخطاب إلى ديمومة المشروع، ويتحوّل التكامل من أمنية إلى قاعدة للعمل المشترك”.


وختم سلام مؤكّدًا أنّ “بناء المصلحة المشتركة لا يعني إلغاء الخصوصيات، بل تحويلها إلى مصادر غنى، فالتكامل لا يعني التماثل، بل التعاون في الاختلاف”