اخبار الصحف اليوم









النهار


باستثناء المضي في قرع طبول الاستعدادات الحربية والسيناريوات المتصلة باحتمال تفجّر تداعيات حربية لاغتيال إسرائيل الأحد الماضي القائد العسكري الأول في "حزب الله" هيثم الطبطبائي مع أربعة آخرين من القادة العسكريين في الحزب في قلب الضاحية الجنوبية، لم تظهر الساعات التي أعقبت الغارة الإسرائيلية على الضاحية أي اتجاهات ديبلوماسية أو ميدانية واضحة يمكن الاتكاء إليها للجزم حيال أي اتجاه مرجح ستسلكه التطورات. ومع هذا الواقع الشديد الغموض وما يثيره من تعاظم المخاوف من تدهور واسع، بدا لبنان أمام صورة مأزومة لجهة الخشية من تسارع الحلقات التصعيدية، فيما كل الاستنفار في ذروته استعداداً لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر في زيارته التاريخية للبنان التي تبدأ بعد ظهر الأحد المقبل وتنتهي بعد ظهر الثلاثاء. ومع ذلك، تظهر أوساط مطلعة معنية برصد الاتصالات الجارية ديبلوماسياً لتجنّب إدخال لبنان في متاهة تصعيدية واسعة، معطيات تستبعد حصول تدهور ميداني واسع أقلّه في الآونة الحالية، وتؤكد تالياً أن زيارة البابا ستحصل في موعدها. أما في ما يتعلق بتداعيات اغتيال الطبطبائي، فإن هذه الأوساط تدرج هذا الاغتيال في إطار اختراق استخباراتي إسرائيلي خطير مكّن الدولة العبرية من تحقيق ضربة موجعة جديدة في البنية القيادية لـ"حزب الله" أسوة بالضربات السابقة، وتالياً فإن الغارة الإسرائيلية على الضاحية لم تكن على الأرجح مدرجة ضمن بنك الاهداف التصعيدية لإسرائيل، أقلّه في الفترة الحالية بل أملاها الخرق الاستخباراتي بكشف اجتماع القادة الخمسة الذين أودت بهم الغارة. وهذا يعني أن مرور الاغتيال من دون رد من "حزب الله" سيعيد الوضع إلى ما كان عليه من ضربات إسرائيلية قد تتكثف تباعاً من دون أن تبلغ حدود انفجار واسع، تبعاً لما قد تتمكن منه الديبلوماسية المتعددة الطرف والجهة


 

وفي هذا السياق، اعربت الخارجية الفرنسية أمس عن "قلق فرنسا العارم إزاء القصف الإسرائيلي الذي استهدف بيروت الأحد، إذ يثير خطر التصعيد في سياق يشتد فيه التوتر بالفعل".
كما أن وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي سيصل اليوم إلى بيروت، مستكملاً المسعى المصري الذي كان بدأ بزيارة رئيس الاستخبارات المصرية إلى لبنان منذ أيام، لتجنب التدهور الواسع.
ولكن إسرائيل مضت في إعلاء صوت الاستنفار على الحدود الشمالية مع لبنان، وأعلن الجيش الإسرائيلي أن رئيس الأركان ايال زامير تفقّد منطقة الفرقة 210 خلال تمرين مفاجئ في المنطقة للتعامل مع حادث طارئ ومفاجئ، "واطّلع على الاستعدادات على الحدود اللبنانية وأوعز بالحفاظ على الجاهزية العملياتية المتزايدة في ضوء عملية القضاء على قائد أركان حزب الله".
وتحدث الجيش الإسرائيلي عن تقديرات بأن لدى "حزب الله" خيارات عدة محتملة للرد على إسرائيل رداً على اغتيال رئيس اركانه هيثم الطبطبائي، منها إطلاق الصواريخ أو تنفيذ عمليات اقتحام للنقاط الخمس جنوب لبنان.
وأوضح مصدر أمني إسرائيلي، أن "جولة الإضعاف لحزب الله يجب أن تُنجز قبل نهاية العام"، مشيراً إلى أن "حكومة لبنان لن تقوم بهذه المهمة، ولن ننتظر".

ورأى المصدر أنه "إذا لم نضعف حزب الله قبل نهاية العام فسيفاجئنا في التوقيت"، لافتاً إلى أنه "يمكن إضعاف الحزب دراماتيكيًّا لسنوات طويلة بقتال لأيام فقط".في المقابل، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية، نقلاً عن مصدر مقرب من "حزب الله"، أن "داخل حزب الله رأيين حالياً، بين من يفضّل الرد على اغتيال أبو علي الطبطبائي ومن يريد الامتناع عنه، إلا أن قيادة الحزب تميل إلى اعتماد أقصى اشكال الديبلوماسية في المرحلة الراهنة"، وهو ما عكسه بيان النعي الذي أصدره الحزب الأحد الذي لم يرد فيه أي تهديد بالرد.
وغداة الاغتيال، رأى رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" الشيخ علي دعموش "أن الإسرائيليين قلقون من رد محتمل للحزب" على اغتيال الطبطبائي، مشدداً على أن "من واجب الدولة مواجهة العدوان بكل الوسائل وحماية مواطنيها وسيادتها ورفض الإملاءات الأميركية والإسرائيلية التي تعني الاستسلام". وأشار إلى أن الحزب "لن يكون معنيًا بأي طرح أو مبادرة قبل وقف الاعتداءات والتزام إسرائيل بموجبات اتفاق وقف إطلاق النار".
واثار موقف لنائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب استغراباً واسعاً لجهة التنكر لوجود دولة "ونحن بديل منها"، بما يشكل خلفية خطيرة في تقديم الذرائع لإسرائيل والدول الأخرى لزيادة الضغوط على لبنان، إذ قال الخطيب: "ليس هناك من دولة، نعم هناك الجيش اللبناني إلى جانب المقاومة وإلى جانبكم أنتم الموجودون، أنتم الذين تقدمون الخدمات لأنفسكم، نحن نريد دولةً، نحن نريد أن تتحقق هذه الدولة وأن توجد هذه الدولة، وأن تخفف عما نقوم به بديلاً عنها. نحن بديل عنها لأنها ليست موجودة، نحن نريدها أن تكون موجودة