الدواء في خطر


“ليبانون ديبايت”


في ظلّ التحضيرات الجارية لعرض مشروع إنشاء المختبر المركزي لفحص الأدوية على مجلس الوزراء، تتعالى الأصوات المطالبة بضمان استقلالية هذا الصرح الوطني وحمايته من أي تبعية أو تأثير سياسي أو أكاديمي. فالمختبر المنتظر ليس مجرد مؤسسة علمية، بل هو الركيزة الأساسية للأمن الدوائي في لبنان، والمسؤول عن مراقبة جودة وسلامة كل دواء يدخل السوق اللبنانية.

المقترح الحالي يقضي بإقامة المختبر داخل الجامعة اللبنانية، مجمّع الحدث الجامعي، وتحديدًا في مبنى المعهد العالي للدكتوراه في العلوم والتكنولوجيا. ورغم القيمة العلمية لهذا الخيار، إلا أنّه يطرح تساؤلات حساسة حول مبدأ الاستقلالية، إذ إن وجود المختبر داخل حرم الجامعة قد يجعله عرضة مستقبلاً لتجاذبات أو تفاهمات أكاديمية وإدارية تُضعف حياده المفترض كهيئة رقابية مستقلة وشفافة بالكامل.


تتزايد هذه الهواجس في ضوء ما تشهده الجامعة اللبنانية من أزمات داخلية، أبرزها ما أُثير أخيرًا عن حصول تلاعب في بعض امتحانات كلية الحقوق، وهو أمر إن صحّ فهو يضرب مباشرة صدقية المؤسسة الأكاديمية الوطنية. فكيف يمكن عندها أن يُقام مختبر وطني بهذه الحساسية داخل بيئة إدارية وأكاديمية مضطربة؟

إنّ الاستقلالية الإدارية والهيكلية للمختبر الوطني ليست ترفًا بل ضرورة وطنية لا تقبل المساومة. والمطلوب أن يكون في مبنى حكومي مستقلّ، يخضع مباشرةً لوزارة الصحة العامة أو لرئاسة مجلس الوزراء، وأن يُدار من قبل هيئة وطنية متخصّصة تعمل وفق المعايير الدولية (ISO وWHO)، وتحت إشراف رقابي من هيئات علمية محايدة.

يُذكر أن مشروع المختبر المركزي للصحة العامة القائم في مستشفى رفيق الحريري الجامعي لا يشمل فحوصات الأدوية، ما يجعل من إنشاء مختبر وطني مخصّص لهذه الغاية حاجة ملحّة لضمان سلامة الأدوية المستوردة والمصنّعة محلياً، ولحماية اللبنانيين من أخطر مظاهر الفوضى الصحية، وهي الدواء غير المضمون.