اخبار الصحف اليوم


الانباء الكويتيه 


في مشهد سياسي غير مسبوق منذ عقود، شكلت زيارة وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني إلى بيروت محطة جديدة في مسار العلاقات اللبنانية ـ السورية، ليس فقط لأنها الأولى لمسؤول بهذا المستوى في العهد الجديد في دمشق بقيادة الرئيس أحمد الشرع، بل لأنها حملت مضمونا سياسيا وديبلوماسيا يعيد صوغ العلاقة بين البلدين على أسس جديدة، قوامها الندية والاحترام المتبادل والسيادة المتبادلة. فالشيباني، جاء إلى بيروت، بحسب مصدر وزاري لبناني معني، محملا برسالة واضحة قوامها «ان سورية ما بعد التحول السياسي لم تعد تنظر إلى لبنان كحديقة خلفية أو ساحة نفوذ، بل كدولة قائمة بذاتها، يجدر التعامل معها بندية واعتراف متبادل بالمصالح والحدود والقرارات الوطنية المستقلة».

وقال المصدر لـ «الأنباء»: «الاجتماعات التي عقدها الشيباني في القصر الجمهوري والسرايا ووزارة الخارجية، مثلت لحظة سياسية مختلفة في تاريخ العلاقات بين البلدين، إذ ولدت فيها ملامح مقاربة جديدة تقوم على الواقعية السياسية والانفتاح المتبادل على الملفات الخلافية، من دون مقايضات أو شروط مسبقة. فالبحث في الملفات الشائكة، من الحدود البرية والبحرية إلى قضية اللاجئين والموقوفين والمفقودين، مرورا بمراجعة الاتفاقات الثنائية التي أبرمت في مراحل سابقة من الوصاية، يشير إلى نية صريحة بفتح صفحة جديدة عنوانها الشفافية والتوازن، لا التبعية ولا القطيعة».

وأكد المصدر «أن الأجواء التي رافقت الاجتماع كانت إيجابية على نحو فاجأ كثيرين في بيروت ودمشق، وأن الجانب السوري أبدى استعدادا حقيقيا لإعادة النظر في كل ما كان يعد من المحرمات السياسية، بما في ذلك إعادة هيكلة الأطر المؤسسية التي حكمت العلاقة بين البلدين لعقود. وأبرز ما حملته هذه المقاربة الجديدة هو طرح تعليق العمل بالمجلس الأعلى اللبناني ـ السوري، الذي كان رمزا لمرحلة سياسية مضت، وإحلال التواصل المباشر بين السفارتين كمرجعية وحيدة للعلاقة بين الدولتين، فيما يجدد الاعتراف السوري الرسمي بتحول العلاقة من «دولة إلى دويلة» نحو علاقة دولة إلى دولة».

وأوضح المصدر«اظهر الموقف اللبناني الرسمي انفتاحا محسوبا ومتوازنا انطلاق من أولوية إعادة ترميم علاقات لبنان العربية والدولية من موقع الندية، مع التشديد على ان العلاقة مع سورية يجب أن تبنى على قواعد واضحة تحفظ سيادة البلدين وتكرس التعاون فيما يخدم الاستقرار الإقليمي، والتحول اللافت أيضا يتمثل في استعداد دمشق لإعطاء أولوية لملف الموقوفين السوريين في سجن رومية، الذي يشكل بندا إنسانيا، حيث تحقق تقدم ملموس قد تترجم نتائجه قريبا، بالتوازي مع الاتفاق على آلية لتسهيل العودة الآمنة والكريمة للاجئين السوريين بالتنسيق مع الأمم المتحدة، ما يعكس إدراكا سورية أن الحلول الواقعية تتطلب تعاونا مباشرا مع الدولة اللبنانية لا تجاوزها».

وأشار المصدر إلى انه «في جوهر الزيارة، بدا أن دمشق الجديدة تريد أن تبدأ من حيث أخطأ النظام سابقا، اي من الاعتراف بلبنان ككيان سياسي كامل السيادة، لا كمنطقة نفوذ أو امتداد جغرافي. وهي معادلة تتيح للبنان أيضا أن يعيد بناء سياسة جوار متكافئة، خالية من الارتهانات السابقة، ومبنية على المصالح المشتركة».