أزمة النفايات تابع... قرار حكومي يعيدنا إلى مربّع الطمر


في ظلّ أزمة نفايات متواصلة منذ سنوات وببلوغ مطمر الجديدة سعته القصوى وتوقّفه عن استقبال نفايات بيروت وجبل لبنان، صادق مجلس الوزراء أمس على توسيع المطمر الساحلي كحل مؤقت لإدارة النفايات الصلبة. القرار أثار ردود فعل مدنية وبيئية حادة اعتبرت أنه استمرارية لنهج "توسيع المطامر البحرية" بدل تبني حلول مستدامة.

وقال جوليان جريصاتي، مدير البرامج في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إنّ الحكومة "تلجأ مجددًا إلى نهج الحلول المؤقتة بدل تبنّي مسار مستدام يرسمه رؤية واضحة وإرادة سياسية حقيقية". وأضاف أنّ "الأزمة ليست قابلة للحلّ عبر حلول سحرية أو تكنولوجية مختصرة"، مشدّدًا على الحاجة إلى خطوات عملية قابلة للتطبيق تشمل تقليل وفرز النفايات من المصدر، إعادة التدوير والتسميد العضوي، ومعالجة الجزء المتبقّي بطرق آمنة بيئيًا، محذّرًا من خطورة محارق النفايات التي يصفها بأنها "حلول زائفة" يروّج لها "تجّار الموت".

من جهتها، رأت سمر خليل، عضو ائتلاف إدارة النفايات، أنّ توسعة المطامر "ليست حلًا بل تكرارًا للخطأ نفسه"، محذّرةً من مخاطر الاعتماد الحصري على الطمر من دون فرز أو معالجة، وهو ما يهدّد الصحة العامة ويبدّد الموارد. وأكدّت خليل أن إدارة النفايات في لبنان ليست أزمة تقنية فحسب بل أزمة حوكمة وإرادة سياسية، مشيرة إلى أنّ الاستراتيجية الوطنية المتكاملة لإدارة النفايات التي أقرّها مجلس الوزراء السابق لا تزال قيد المراجعة لدى وزارة البيئة بانتظار توضيح التعديلات وآليات التنفيذ.

انطلاقًا من مبادئ الاقتصاد الدائري، قدّمت المنظمتان مطالب عملية وخطوات تنفيذية، من بينها:

تطبيق الفرز من المصدر بشكل إلزامي وفعّال على الصعيد الوطني، وتأهيل وتشغيل البنية التحتية القائمة لدعم هذا الفرز.

إعطاء الأولوية لمعالجة النفايات العضوية (تشكل نحو 70% من النفايات) عبر التسميد أو المعالجة البيولوجية وتفعيل المعامل القائمة.

تطبيق مبدأ المسؤولية الممتدة للمنتج وتحميل المستوردين والمنتجين مسؤولية منتجاتهم وتغليفها.

اعتماد مطامر صحية مؤمّنة فقط للنفايات غير القابلة للتدوير مع فرض رسومٍ مرتفعة لضمان بقاء الطمر الخيار الأخير.

تمكين البلديات والمجتمع المدني لتنفيذ حلول لامركزية قائمة على الإصلاح، وإعادة الاستخدام، والتدوير.

وضع مؤشرات قياس ومتابعة شفافة (معدلات الفرز، إعادة الاستخدام، التدوير، خفض الطمر والانبعاثات) ونشرها دوريًا أمام الرأي العام.

كما حذّرت الغرينبيس وائتلاف إدارة النفايات من الترويج لاستخدام الوقود المشتق من النفايات (RDF) كحل سريع في لبنان، مشيرة إلى أن هذا النوع من الوقود يُنتَج من نفايات مختلطة ويقوّض جهود إعادة التدوير، ويطلق ملوّثات خطرة عند الاحتراق. كما اعتبرت أنّه يتعارض مع مبدأ تخفيف النفايات لأنه يشجّع على زيادتها لتوليد الطاقة، ما يفتح الباب أمام نظام حرق غير مستدام ويصرف الانتباه عن الحلول الدائرية الحقيقية.

ودعت المنظمتان الحكومة والوزارات المعنية والبلديات إلى التعاون مع المجتمع المدني لتنفيذ مسار إصلاحي جدي يحمي صحة الناس والبيئة ويعيد الثقة بين المواطن والدولة.