الاستخبارات البريطانية تدخل عالم “الإنترنت المظلم” لتجنيد جواسيس جدد




أطلق جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني "أم آي 6" يوم الجمعة موقعاً إلكترونياً جديداً على شبكة "الإنترنت المظلم"، في خطوة تهدف إلى تعزيز قنوات الاتصال الآمنة مع مصادر محتملة للمعلومات وتجنيد جواسيس في روسيا ومناطق أخرى حول العالم. ويأتي هذا التطور ضمن استراتيجية أوسع لتعزيز قدرات بريطانيا في مواجهة التهديدات الاستخباراتية والأمنية المتزايدة.




في التفاصيل، الموقع الجديد الذي أُطلق عليه اسم "البريد الصامت" يتيح لأي شخص يمتلك معلومات حساسة، سواء كانت مرتبطة ب"الإرهاب" أو بأنشطة استخباراتية معادية، التواصل مباشرة وبشكل سري مع جهاز الاستخبارات البريطانية. وبحسب الإعلان الرسمي، فإن المنصة الجديدة توفر بيئة مشفرة ومحمية تُمكّن المخبرين من تمرير بيانات مهمة من دون الكشف عن هويتهم أو تعريض أنفسهم لخطر الملاحقة.




ولتشجيع الانخراط في هذه القناة الجديدة، نشر الجهاز عبر قناته على "يوتيوب" تعليمات تفصيلية حول كيفية الوصول إلى البوابة الإلكترونية، موضحاً أن أفضل وسيلة هي استخدام متصفح "تور" المعروف بقدرته على الدخول إلى الإنترنت المظلم بشكل آمن. كما نصح الجهاز الراغبين في التواصل باستخدام أجهزة منفصلة وحسابات بريد إلكتروني لا ترتبط بهوياتهم الحقيقية، وذلك لتقليل احتمال تعقبهم أو إثارة الشبهات. وفي حال كانت خدمات "تور" محجوبة، أوصى الجهاز بالاعتماد على شبكات "في بي آن" لتجاوز القيود التقنية.




وفي رسالة مباشرة إلى "الجواسيس المحتملين"، قال ريتشارد مور، الرئيس المنتهية ولايته لجهاز "أم آي 6": "بابنا الافتراضي مفتوح لكم". وتهدف هذه الدعوة إلى طمأنة الأفراد الذين قد يمتلكون معلومات قيّمة، بأن بريطانيا قادرة على توفير قناة آمنة لحمايتهم أثناء عملية التواصل.

يحمل هذا الإعلان دلالة رمزية قوية، إذ إن جهاز "أم آي 6" ارتبط في المخيلة العامة بصورة العميل السري جيمس بوند، شخصية الكاتب إيان فلمينغ الشهيرة، لكن الخطوة الجديدة تبرز التحول الحقيقي للجهاز نحو استغلال أحدث الوسائل التكنولوجية بعيداً عن عالم الروايات الخيالية.



من جانبها، قالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر إن العالم يشهد تغيرات متسارعة في طبيعة التهديدات الأمنية، الأمر الذي يتطلب أن تظل بريطانيا "متقدمة بخطوة على خصومها". وأضافت أن هذه المبادرة تمثل جزءاً من تعزيز جهود الاستخبارات الخارجية عبر أحدث الابتكارات التقنية لتمكينها من تجنيد عملاء جدد وتوسيع نطاق عملها، سواء داخل روسيا أو في مناطق أخرى تشهد أنشطة تهدد مصالح المملكة المتحدة. وبهذا، تسعى لندن إلى إثبات جاهزيتها لمواجهة التحديات الجيوسياسية الجديدة، عبر المزج بين أساليب التجسس التقليدية والوسائل الرقمية المتقدمة، في محاولة لتوسيع شبكاتها الاستخباراتية والحفاظ على مكانتها كقوة أمنية عالمية.