أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أن “مأساة انفجار مرفأ بيروت يجب أن تكون درسًا يؤسس لمستقبل أفضل”، مشددًا على التزامه “ببناء دولة تحترم حقوق مواطنيها وتحمي حياتهم”.
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله وفدًا من أهالي شهداء مرفأ بيروت في قصر بعبدا، تحدّث باسمهم وليم نون، مشيدًا باستقبال رئيس الجمهورية، ومؤكدًا “ألا انقسام بين أهالي الشهداء”، ناقلًا طلب الجرحى بالحصول على “بطاقة جريح” أسوة بغيرهم، وتأمين العناية اللازمة لهم من قبل الدولة.
ونوّه نون بـ”الثقة الكاملة التي يوليها الأهالي لفخامة الرئيس”، وقال: “نشدّ على أيديكم ونأمل أن يوفقكم الله لتحقيق ما وعدتم به في خطاب القسم، والذي منحنا الأمل بالبقاء في لبنان. نريد إحقاق الحق والوصول إلى الحقيقة في عهدكم”.
وطرح عدد من الأهالي معاناتهم المستمرة منذ وقوع الانفجار، مطالبين بتسريع مسار العدالة، “لأن التأخير في العدالة ليس بعدالة”، ودعوا الرئيس إلى عدم السماح بمرور هذه القضية “التي هي بحجم وطن” دون محاسبة، مؤكدين أن المطلوب هو “إرساء ثقافة المحاسبة في البلد”.
وردّ الرئيس عون مرحّبًا بالوفد، ومعبرًا عن تضامنه الكامل مع أهالي الشهداء، وقال: “فقدانكم لأحبتكم هو مأساة ألمّت بكل لبنان. المسؤولية تقع علينا جميعًا لتحقيق العدالة، والتزامي واضح: كشف الحقيقة كاملة دون استثناء، ومحاسبة كل من تسبب في هذه الكارثة. لن ندّخر جهدًا في بناء دولة تحمي حقوق مواطنيها. فلتكن هذه المأساة درسًا لبناء مستقبل أفضل”.
وأضاف: “من الآن وصاعدًا، القضاء سيأخذ مجراه، والمذنب سيُحاسب، والبريء ستتم تبرئته”.
في سياق آخر، استقبل الرئيس عون وفد “اللجنة الأسقفية المارونية للمصالحات الوطنية” برئاسة المطران بولس مطر، وعضوية المطارنة منير خير الله، ميشال عون، أنطوان طربيه وأنطوان أبو نجم، وهي لجنة منبثقة عن سينودس الكنيسة المارونية، مكلفة بالمصالحات الوطنية العميقة بين جميع اللبنانيين بعيدًا عن الانتماءات الطائفية، انطلاقًا من مبدأ الأخوّة.
وأوضح المطران مطر أن اللجنة ستسعى لإزالة الإشكالات بين اللبنانيين “بهدف العيش بصفاء”، مؤكدًا أن عملها “سيتركز على تحقيق مصالحات في العمق وتنقية الذاكرة الوطنية”، بدءًا بالقيادات الروحية المسيحية والإسلامية، ومن ثم مع الجهات السياسية، تمهيدًا لعقد لقاء وطني جامع تتخلله مصارحة ومصالحة صادقة.
وأكد الوفد أن المبادرة تهدف إلى “لملمة الجراح” و”الوصول إلى مصالحة وطنية حقيقية تنطلق بمفهوم جديد يوحّد اللبنانيين”
من جهته، رحّب الرئيس عون بالوفد، متمنيًا التوفيق للجنة في المهام التي أوكلها إليها السينودس برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، معتبرًا أن “المصالحة في العمق بين اللبنانيين خطوة مباركة تتطلب جهدًا جماعيًا”، مشددًا على أن “الظروف الحالية تُحتّم هذه المبادرات لإعادة بناء الثقة الوطنية”
وأضاف: “علينا أن نطوي صفحات الماضي المؤلمة، ونستخلص العِبر لتصويب المسار لمصلحة لبنان واللبنانيين في الداخل والاغتراب”.
واستقبل الرئيس عون أيضًا وفدًا من “جمعية درب السما”، التي ترعى مشروع “درب مار شربل”، وضمّ أدوار برجي، الدكتور يوسف الحاج، ريمون زند، فادي صليبا، سعدة نخول، ودانييل جبارة.
وقدّم الدكتور الحاج عرضًا للمشروع الذي سيُطلق رسميًا الأحد المقبل من دير مار مارون – عنايا، عبر تدشين “الكيلومتر صفر”، إيذانًا بانطلاق أول مسار حج طويل المسافة منظم بمعايير عالمية في لبنان والمنطقة، نحو ضريح القديس شربل.
ويبلغ طول المسار حوالى 130 كلم، ويمرّ ببقاعكفرا، ميفوق، عنايا، اهمج، وصولًا إلى حريصا وبكركي، ضمن المحطات الأساسية في حياة القديس شربل. وسيكون الدرب مفتوحًا لجميع الجنسيات والانتماءات، مع تأهيله ليتناسب مع مختلف الأعمار والحالات الجسدية، بما في ذلك ذوو الإعاقة.
ولفت الحاج إلى أن المشروع يتزامن مع “سنة اليوبيل الكنسية العالمية 2025” تحت شعار “حجّاج الرجاء”، وسيشكّل أيضًا فرصة لتنمية اقتصادية محلية في أكثر من 40 بلدة وقرية، ويبرز التنوع الجيولوجي والثقافي والديني في المناطق التي يمر بها.
وهنّأ الرئيس عون الجمعية على جهودها في استحداث “درب مار شربل”، متمنيًا استكمال المشروع ضمن الجدول الزمني المحدد، أي مع حلول حزيران 2026.