شارل جبور... مرآة حزب القوات حين تنكسر الحقيقة

شارل جبور... مرآة حزب القوات حين تنكسر الحقيقة






بقلم الإعلامي خضر رسلان

لم يكن تصريح شارل جبور، رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية، باتهام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتفجير كنيسة مار إلياس في حي دويلعة الدمشقي، مجرّد زلّة أو اجتهاد متسرّع، بل كان سلوكًا نموذجيًا في التضليل الإعلامي والتحريض السياسي. وما يجعله أخطر، هو أنه جاء من لسان مسؤول رسمي ناطق باسم حزب لطالما قدّم نفسه بوصفه حارسًا للقيم والسيادة والحرية.

السلطات السورية أعلنت بصراحة أن تنظيم "داعش" هو من نفّذ التفجير الانتحاري في الكنيسة، وهو الإعلان الذي أكّده لاحقًا تسجيل مصوّر وتبنٍّ مباشر من التنظيم. لكن جبور، وفي قفزة على الواقع والوقائع، قرر اتهام إيران، في محاولة مكشوفة لتجيير المأساة نحو خدمته الأيديولوجية، ولو على حساب الحقيقة والضحايا.

منصبه ليس تفصيلاً. جبور هو المتحدّث باسم القوات، الواجهة الإعلامية التي اختارها الحزب ليخاطب الناس من خلالها. فإذا كانت هذه الواجهة تتقن الافتراء والكراهية وتشويه الحقائق، فماذا عن الجوهر؟ وإذا كان الناطق الرسمي يعاني من فوبيا مزمنة تجاه إيران والمقاومة وكل ما يخرج عن العباءة الغربية – الخليجية، فهل هذا خطاب شخصي، أم عقيدة حزبية متجذّرة؟

هذا المستوى من التحريض لا يخرج من فراغ، ولا يمكن قراءته دون استحضار السياق العام الذي تنتهجه القوات منذ سنوات: شيطنة الخصوم، الاستثمار في الخوف، وخلق عدو وهمي كلما اشتدت أزمتها السياسية أو انكمش حضورها الشعبي. لكن أن يبلغ الهوس حدّ اتهام خصمٍ بتفجير كنيسة، دون أي دليل أو منطق، فهو سقوط مدوٍّ في وحل العنصرية المقيتة والانحطاط المهني.

لم يُجبر حزب القوات على اختيار شارل جبور ناطقًا باسمه. لقد فعل ذلك عن قناعة، لأن ما يمثّله جبور – من توتّر، واحتقان، وعدائية – هو الصورة الصادقة لما تخبئه أدبيات هذا الحزب خلف قشور الخطاب المدني. هو لا يُحرجهم، بل يعبّر عنهم. لا يشذّ عنهم، بل ينطق باسمهم بلسان أكثر فجاجة.