Achrafieh News 📰
د. ليون سيوفي
باحث وكاتب سياسي
حصر السّلاح بيد الدولة في لبنان أمرٌ معقّد للغاية، وهو ليس مجرّد قرارٍ سياسيٍّ أو أمنيٍّ، بل يرتبط بتوازناتٍ داخليةٍ وخارجيةٍ عميقةٍ.
أي محاولة لحصر السّلاح وسحبه من حزب الله أو الفصائل الفلسطينية أو أي مجموعاتٍ مسلّحةٍ أخرى ستواجه عقباتٍ كبيرةً، منها البيئة الداخلية.
حزب الله يَعتبر سلاحه جزءًا من استراتيجية الرّدع والمقاومة ضدّ “إسرائيل”، ويدعمه جزءٌ كبيرٌ من البيئة الشّيعية لهذا السّبب.
هناك أطرافٌ سياسيةٌ ترى أنّ سلاح الحزب مرتبطٌ بالمقاومة ولا يمكن سحبه إلّا بعد الوصول إلى حلٍّ شاملٍ للنّزاع مع “إسرائيل”.
ألفصائل الفلسطينية داخل المخيمات تعتبر أن سلاحها ضروري لحماية المخيمات، خاصةً في ظلّ غياب أي ضماناتٍ حقيقيةٍ.
بالواقع الإقليمي أي محاولة لنزع سلاح حزب الله تعني تغييراً استراتيجياً في المنطقة، ما قد يدفع إيران إلى الرد، لأنها تعتبر الحزب جزءاً من منظومتها الإقليمية.
لو تطرّقنا الى الواقع الأمني والعسكري، ألجيش اللبناني لا يملك القدرة على فرض عمليةٍ عسكريةٍ لنزع السّلاح من الحزب، لأنّ ذلك سيؤدّي إلى حربٍ داخليةٍ غير محسوبة العواقب، حتى لو قررت الحكومة بدء عمليةٍ لسحب السّلاح، فستحتاج إلى تفاهماتٍ دوليةٍ وضماناتٍ لحماية لبنان من أي تهديدٍ خارجيٍّ، وهو أمرٌ غير متوفّر حالياً.
كيف يمكن أن تتم العملية لو حصلت؟
في حال وجود قرارٍ داخليٍّ ودوليٍّ بنزع السّلاح، هناك عدّة سيناريوهات منها التفاوض والتسويات السياسية حيث يتم تقديم ضماناتٍ لحزب الله والفصائل الفلسطينية وباقي الاحزاب اللبنانية ، مثل ضمان أمن لبنان عبر معاهداتٍ دوليةٍ، أو إدماج سلاح الحزب تدريجياً في الجيش اللبناني.
ألاتفاق على استراتيجيةٍ دفاعيةٍ يكون فيها السّلاح جزءاً من الدولة وليس بيد أي طرفٍ سياسيٍّ.
ألضغوط الاقتصادية والسياسية بفرض عقوباتٍ دوليةٍ على أي طرفٍ يرفض نزع السلاح، مما قد يجبر الحزب على تقديم تنازلاتٍ معيّنة.
ربط المساعدات الدولية بإصلاحاتٍ تشمل حصر السّلاح بيد الدولة.
ألحل العسكري مستبعدٌ جداً وليس بهذه السهولة وأي محاولةٍ لفرض نزع السلاح بالقوة ستؤدّي إلى حربٍ داخليةٍ، وهذا يعني تدمير لبنان بالكامل، وهو ما لا يريده أحد.
حصر السّلاح بيد الدولة يحتاج إلى تفاهماتٍ سياسيةٍ كبرى وليس إلى قراراتٍ منفردة أو ضغوطٍ أمنية فقط. طالما الصّراع الإقليمي مستمر، فإنّ فرض نزع السّلاح بالقوة مستحيلٌ، وأي محاولة غير مدروسة قد تجرّ لبنان إلى كارثة أكبر..