Achrafieh News 📰
دائرة العلاقات السياسية – قسم الإعلام
هل كتِبَ للجمهورية اللبنانية أن تبقى رهينة سلطات الأمر الواقع منذ الستينات حيث كانت الفصائل الفلسطينية تسيطر سيطرة محكمة ومطبقة على قسم من الأراضي اللبنانية وتحديدا جنوب لبنان ؟ ولا داعي لتذكير القارىء الكريم أنّ منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات إكتنزت كل الموارد المحلية في الجنوب لا بل على مستوى لبنان فإستباحت أراضيه وسيادته وعرضه وكراماته ومنها مؤسساته الرسمية ، وفي هذه المرحلة إستأثر ياسر عرفات بكل القرارات اللبنانية ووصل إلى حد التدخل في شؤون الجمهورية وأسس ما كان يُعرف ب"جيش لبنان العربي " بقيادة ضابط يُدعى أحمد الخطيب .
لن نصيغ هذه المقالة بهدف التركيز على ما حصل بل للتذكير فقط أنّ الشعب اللبناني وأرض الجنوب هما ألعوبة بيد الأنظمة الضعيفة الذي مورسَ سابقا تحت ألف حجة وحجة ومن هذه الحجج كانت مقولة " الدفاع عن القضية الفلسطينية " والتي كانتْ ضمنيًا مجرد شعار حملته "القوى الوطنية " في حينه بهدف المشاركة الفعالة في سلطة كانت تحتكرها ما كان يُعرف ب"المارونية السياسية " . إنّ هذه الشعارات التي رفعتْ كانت في مضمونها تحمل الكيدية ولم تكن تعتبر أنّ القضية الفلسطينية هي الأهم بل كان الهم الأساسي الوصول إلى السلطة لا بل بصريح العبارة "إحتكارها " على ما هو حاصل اليوم .
دائمًا السلاح الغير شرعي كما الأنظمة الشمولية هما مصدر قلق وخطر على الدول وخصوصا إذا كانتْ هذه الدول تُحكم بطبقة سياسية فاشلة ضعيفة مرتهنة . ولنكن منصفين إنّ الأمور بدأت تتدهور على كل الساحة اللبنانية وخصوصا الجنوبية بعد أن أثار هذا السلاح الغير شرعي والمدعوم من طبقة سياسية عميلة حروبا غير شرعية وغير قانونية ضد الغير . كما الجدير ذكره أنّ هذا السلاح الغير شرعي وهذه الطبقة السياسية العميلة إستخدما كل قواهما وأسلحتهما ضد الداخل اللبناني ، على مستوى السلاح حقق هذا السلاح رعبا في الشارع من خلال ما عُرف ب"القمصان السود"، أما ساسة العمالة فإستفادوا من تحالفاتهم ووصلوا إلى مراكز السلطة وكانت النتيجة "خربان البلد" وهذه الأمور حصلت في ظل سكوت مطبق من المجتمع الدولي ومن رجال الدين في لبنان ومن قادة الرأي (المصنفين وطنيين ).
إنّ ما حصل أبقى الجمهورية رهينة ، وتمت حماية المنظومة السياسية الفاسدة وفي الوقت نفسه تمت محاربة الشرفاء واليوم نرى الدمار والخطر يهددان الجمهورية بكل مقوماتها . من الصعب وفق العلم السياسي أن يفهم أي ناشط فكري – سياسي النزعة العميلة التي نشأت مع بعض من مارسوا السلطة في لبنان ... يطلقون على أنفسهم "ساسة إصلاح" ولكن عمليا هم مجرد غطاء وإرتهان لسلطات إحتلت كل مفاصل الدولة من رئاسة الجمهورية إلى مجلسي النواب والحكومة وكافة أجهزة الدولة المدنية والعسكرية وفقا لما أثبتته الوقائع على الأرض .
الجمهورية محتلة مخنوقة ورئاستي الجمهورية والحكومة مقيدتان اليوم أي إنّ الجميع في حالة ضيق وحصار مطبق والوضع في المناطق الجنوبية التي قصفها العدو الإسرائيلي لا بل في البقاع وبعض مناطق العاصمة مأساوي بيوت مدمرة وأشلاء جثث تحت الأنقاض بكاء وعويل وهذه حقيقة يعمل على إنكارها الجميع ومن دون إستثناء . إنّ الوضع يشي بأنّ الذين مارسوا السلطة هم مجرد تجار بشر أوصلوا إلأمور إلى ما هي عليه ، لا بل ورّطوا الأبرياء بأمور لا طاقة لهم على تحملها .
إننا نشهد كلبنانيين تحديات سياسية – إجتماعية غير مسبوقة مشفوعة بإنكسارات وجودية وهزائم تاريخية قصمت ظهور أبناء وطننا ،وكلها نتيجة رهانات خاطئة وإنكسارات تدّعي الإنتصار والتمرُّد على الحقيقة . الظاهر أنّ الأمور ذاهبة نحو الإنحدار بسبب العجز عن مواجهة هذه التحديات وإننا نتخوّف من المصير المجهول .إن الحل المطلوب من العهد الجديد التخلص من عبء الماضي وأثقاله والتضلع بالواقعية والسعي للإجابة عن أسئلة الواقع ومنها : "هل كُتِبَ على الجمهورية أن تبقى رهينة ؟" سؤال برسم العهد وقد يكون ما هـو أولـى منه أجـدر بتناوله والإستجابة للحلول المنطقية وإلاّ على الدنيا السلام .
الدكتور جيلبير المجبِّرْ
فرنسا في 21 شباط 2025