Achrafieh News 📰
بعد سنتين وربع السنة من الفراغ الرئاسي وبعد الأحداث التي شغلت لبنان على اكثر من مستوى من ازمة اقتصادية حادة الى حرب مدمرة، عاد الملف الرئاسي ليوضع على نار حامية، علما انه من أكثر الملفات التي يهتم بها معظم اللبنانيين وأكثرها تداولًا. ففي هذه الأوقات العصيبة لا بدّ من رئيس ينهض بلبنان ويعيد الحياة الى مؤسساته الرسمية. وهنا نطرح السؤال التالي: الى أي مدى سيتمكّن الرئيس الآتي "باذن الله" من مواجهة كل العرقلات والاختلافات الفكرية؟
بدايةً، لا يمكن التغاضي عن تأثير الأحداث الأخيرة في لبنان وفي المنطقة على الملف الرئاسي كونها ادت الى تغيير الكثير من قواعد اللعبة. فلغة الخطابات تغيرت ولهجة المواقف تبدلت. لكن هذا لا ينفي ان يلجأ احد الافرقاء - في حال انتُخب رئيس الجمهورية - الى محاولة تعطيل قدرته على القيام بواجباته وفق الدستور، وهو الامر الذي يعيد موضوع صلاحيات رئيس الجمهورية الى الواجهة.
في هذا السياق، اوضح الخبير الدستوري سعيد مالك، في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" انه عملًا بأحكام الدستور سيما ما بعد تعديلات الطائف يتبين أن صلاحيات رئيس الجمهورية قد قُلِّصت او انتُزعت منه رئيس الدولة، أهمّها حل مجلس النواب. ولكن في المقابل الصلاحية الأهم التي بقيت بيد رئيس الجمهورية هي "تشكيل الحكومة" سندًا لأحكام المادة 53 من الدستور المتعلقة بمرسوم تشكيل الحكومة الذي لا يصدر الّا بتوقيع رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلّف. واضاف: هذه الصلاحية أساسية وجوهرية ومن خلالها يمكن الامساك بكافة مفاصل البلاد.
ولا يعتقد مالك ان هناك تقليصا فعليا للصلاحيات ودور الرئيس، فالتوقيع على مرسوم تشكيل الحكومة وتأليفها كافٍ. مشددا على ان المشكلة ليست بالنصوص وانّما بالأشخاص والقياديين الذين هم على رأس الجمهورية، فامّا أن يكونوا ضمن اطار رؤساء ينفّذون الدستور ويمارسون ما لديهم من حقوق بشكل كامل وثابت وأكيد واما أن يسلّموا أمرهم ونفسهم الى القوى السياسية ويصبحون -لا أكثر واقل- مطيّة لهؤلاء للوصول الى مكاسبهم.
وختم: "الرئيس لا يجب أن يكون الّا حكمًا فوق كل السلطات، فاذا ذهب الى المشاركة والمحاصصة في السلطة يفقد دوره بشكل ثابت وأكيد".
على صعيد آخر، وقبل يومين من موعد الاستحقاق لا تبدو الصورة واضحة. فالمعادلة السياسية في لبنان تزداد تعقيدا وتتداخل الاعتبارات الطائفية والمذهبية مع الحسابات السياسية والمحلية والخارجية. اضف الى ذلك المنافسة الشديدة بين القوى السياسية التي تسعى للسيطرة على مفاصل الدولة، مما يعقد الوصول إلى اتفاق حول شخصية الرئيس العتيد. فالبعض يفضل شخصية توافقية تحظى بدعم معظم الأطراف ، في حين يرى آخرون أن لبنان بحاجة إلى رئيس قوي يستطيع قيادة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية الجذرية.
تساؤلات كثيرة، لا يمكن الحصول على اجوبة الّا نهار الخميس موعد الانتخاب، فنحن نقف أمام احتمالين: انتخاب رئيس والبدء بترميم الاناء أو التأجيل بانتظار وجود جامع لكل القطع المكسّرة.