النظام السياسي اللبناني بخير لكن مشغّلوه معتّلون!




الدكتور جيلبير المجبِّرْ

بعد زيارة أحد المسؤولين الأوروبيين المهتمّين بشؤون لبنان رحت أفكر بما قاله لي دون خجل "هناك فوضى هائلة في دولتكم والتي تعج بإحتكار القانون وتسييسه والتلاعب بالمال العام ، وتزخر إداراتكم الحكومية وغير الحكومية بهذه الفوضى . ويخّيل إليَّ أنكم جميعا في قبضة ساسة فاسدين كذابين متراخين ضعفاء جبناء يبيعون ويشترون ، يمتهنون الكذب والرياء وبيع الوطن..." 

من المؤسف سماع هذا الكلام على لسان دبلوماسي خدم في بلاد الأرز ، نعم نحن أمام ساسة جبناء على ما قاله سعادته وأضيف سماتهم الكذب وبيع المواقف والشهادات المزوّرة والمواقف الملتبسة ، وإنّ هناك ساسة يستعصون على القانون بشكل محكم وإلاّ كيف يتّم تفسير ضرب القواعد السياسية الديمقراطية ، وكيف يتم تفسير ضرب ركائز القضاء وساسة يتمّردون على النظام والدستور ويتمرّدون بإستراتيجية محكمة ويحاضرون في العفة ويقسمون أنهم شرفاء وهم عهّار ومفسدون .

على ما يبدو جلسة التاسع من هذا الشهر ستُجهض بالرغم من كل المحاولات ، حيث لا مانع ممّن سمّوا أنفسهم نواب الأمة من خرق النظام الداخلي لمجلس النواب وحتى القانون العام أي الدستور وإنتهاك كرامة الشعب اللبناني من لَدُنْ هؤلاء الساسة والمنفذين لأجندات غريبة تعمل لصالحها وليس لصالح الوطن وبالتواطؤ مع هؤلاء الساسة اللا ضمير . 

إنّ ما سيحصل في جلسة التاسع من هذا الشهر يؤكد أن نواب الأمة يفتقدون للحس الوطني ولا يكترثون كثيرا لقضايا الوطن وللمؤسسات الشرعية ولا لإنتظام النظام العام ، الأمر الذي من شأنه أن يخلف مشاكل على مدى سنوات عديدة مقبلة لوطننا وللشعب اللبناني الذي يُكافح لتعافي مؤسساته الشرعية بدءًا من إنتخاب رئيس جديد للجمهورية . 

من المؤسف أن نستمر في مبدأ سياسي يكذب يُناور يُراوغ يبيع ويشتري ويدّعي أنه مثقف وهو بعيد كل البُعد عن الحضارة أغلب مسؤوليه منتحلي صفة علم ومُدّعي معرفة وأصحاب ألقاب فارغة ، وبتنا أمام شعب يتوّسل العالم للحصول على مساعدات بعد تراجع قيمة العملة الوطنية ونقص في المستلزمات الطبية والمعيشية والهجرة والبطالة .

مرحليا وبعد حالة الفراغ الممنهجة في مؤسسات الدولة اللبنانية نحن كشعب مغترب ومقيم نعاني من إستبداد هذه الطبقة السياسية ومن صراعات وإنقسامات داخلية مستمرة أدت وستؤدي إلى إنزلاقنا إلى مستنقع الهوان والخيانات والحروب وسنتحوّل إلى كيانات "مرّتة" تعمل لصالح أنظمة خارجية ، وها هي حرب الجنوب أكبر مثال على ذلك . ليس غريبا أن يدأب نظام الوراثة السياسية عندنا على تفتيت الدولة وأجهزتها بإعتماده إنتهاج أسلوب الفراغ بدءًا من رئاسة الجمهورية إلى أصغر مسؤول في الدولة ، وهذا الأسلوب السمج إعتمدوه من خلال بث للأفكار المشبعة بالأحقاد الطائفية والمذهبية كوسيلة لضرب أي مواطن شريف يُحاول إنقاذ وطنه من هذا السوء ، والأنكى يأتيك من يدّعي أنه يريد إصلاح الأمور فتثق به ولكن يكون أسوأ من غيره بائع ضمير كذاب .

كفى يا تجار السياسة وكفى يا مستغلي عواطف الناس ، كفى بتسخير كل الطاقات الشريفة لتحطيم طموحاتنا ومبادئنا وقسمنا الوطني من خلال الإنزلاق نحو المصالح الخاصة والوعود المعسولة وإدعاء التقيّة وأنتم أنجاس القوم تستغلون الناس وعواطفهم وتدّعون محبة الناس وإحترام القوم ، وتدّعون العفّة ... أنتم بتصرفكم هذا تحاربون التقدم والتطور وتحتكرون الفكر والعقل وتدّعون أنكم أصحاب مشاريع بينما أنتم والفشل توأمان .

النظام السياسي اللبناني بخير لكن مُشغليه دون مبادىء دون أخلاق دون وفاء دون إلتزام ... نعم سنسعى إلى تقديم مشروع وطني من خلال برنامج رئاسي يضع جمهوريتنا على سُلّم الحضارة على غرار الحكام الشرفاء لا على شاكلة الذين يدّعون العفة والطهارة.