جوزيف القصيفي نقيب محرري الصحافة _ الجمهورية
كان اللقاء بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيخ علي الخطيب الذي زار قصر بعبدا أمس على رأس وفد كبير ورفيع المستوى، ودّياً وصريحاً جداً، وأكّد جوزاف عون خلاله أنّه ابن الجنوب، وهي منطقة غالية على قلبه، وتحتل الأولوية في سلّم اهتماماته، ولذلك فإنّه لن يألو جهداً في العمل من أجل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجنوب، والشروع في عملية إعادة الاعمار بالسرعة التي يتوخاها المتضرّرون من الاعتداء الصهيوني في جميع المناطق اللبنانية. وكرّر الرئيس عون أنّه يرفض أن يفسّر ما حصل بأنّه هزيمة لفئة أو طائفة، وأنّ هناك منتصراً واحداً هو لبنان.
وكان لافتاً الخلوة «على الواقف» بين جوزاف عون والخطيب الذي أفضى للأول بكل ما يجول في خاطره، وأبدى ملاحظاته حول كل ما حدث أخيراً من تطوّرات سياسية قلبت المشهد المتوقع لمرحلة ما بعد التاسع من كانون الثاني، في ضوء ما تردّد عن تفاهم سبق انتخاب عون يتصل برئيس الحكومة الذي سيقود المرحلة في الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات العامة سنة 2026.
وعُلم أنّ رئيس الجمهورية أجاب عن هواجس الخطيب وملاحظاته، مشدّداً على رفضه استفراد أي فئة أو طائفة ومحاصرتها سياسياً واستفزازها، ومؤكّداً أنّ المشاركة المتوازنة هي واجب وطني، متمنّياً مقاربة الموضوع بإيجابية وانفتاح، وأنّ للطائفة الشيعية دورها الرئيس، وأنّه لن يقبل باستهداف أي من المكوّنات الوطنية والطائفية. وأفصح رئيس الجمهورية عن توجّهه لإثارة موضوع تمويل الإعمار مع الدول التي سيزورها بعد نَيل الحكومة الثقة قريباً، لأنّ إعادة الإعمار هي الهمّ الأول الذي يأكل في صحنه.
وفيما اللقاء بين الرئيس عون والخطيب سبق صعود رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى القصر الجمهوري للمشاركة في الاجتماع المخصّص لتكليف الرئيس نواف سلام، سأل هل سينعكس الجو الإيجابي والودي الذي ساده إسقاطاً للتشنج الذي بداً واضحاً في أوساط «الثنائي الشيعي»، الذي اعتبر أنّ ما حصل كان انقلاباً على ما تمّ الاتفاق عليه، وأنّ ثمة مَن يتصرّف على أساس أنّه حقق انتصاراً سياسياً كبيراً ضدّ «الثنائي»، وأنّ على الأخير أن يقبل بما يترتب عليه من أثمان. ولن يكون في مقدور «الثنائي» السكوت على هذا الأمر، مع وجود تمنٍّ عليه بملاقاة رئيس الحكومة المكلّف إيجاباً وعدم مقاطعة الاستشارات، وعدم الامتناع عن المشاركة في الحكومة. فـ»الثنائي» يدرس الموضوع، ويعرف تماماً أنّ لا علاقة لرئيس الجمهورية بالتطوّرات التي حصلت خلال الساعات الأربع والعشرين المنصرمة، مع تسجيل بروز عتب كبير في الأوساط الشيعية على بعض الكتل النيابية. وقد فسّرت هذه الأوساط تصويت هذه الكتل لتكليف سلام بأنّه محاولة لمحاصرة الثنائي.
في حين أنّ جهات نيابية صديقة لبري وعلى علاقة جيدة مع «حزب الله» رأت أن لا غرض عدائياً ولا استهداف من خلال تسمية سلام، خصوصاً أنّها لم تعلم بما تمّ التوافق عليه في الاجتماع الذي حصل بين ممثلي «الثنائي» وجوزاف عون خلال الفترة الفاصلة بين الدورتَين الأولى والثانية من جلسة انتخاب الرئيس.
وفي أي حال، فإنّ الأنظار مشدودة إلى الاستشارات النيابية والوجهة التي سيتخذها تشكيل الحكومة، فإمّا تقلع بسلاسة أو بعد عملية قيصرية، ومضمون البيان الوزاري وما قد يثار خلال مناقشته من عناوين إشكالية.
فرئيس الجمهورية يجهد إلى إطلاق مسيرة عهده بصفر أخطاء من ناحيته، وأنّ تصريحاته تلقى الارتياح لدى الرأي العام، وأنّ على رئيس الحكومة الجديد أن يواكبه بالمستوى نفسه من الحرص، لأنّ مصلحة لبنان تتقدّم على أي شيء، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه.