Achrafieh News 📰
نحن في وطن إضمحلت فيه الأخلاق عند ساسة الأمر الواقع يتخلّون شيئا فشيئا عن المؤسسات الرسمية ويُقايضون على الإشتراك في الحكومة عبر حقائب لا يستأهلون المُشاركة فيها . مسؤولين يُطالبون بالمشاركة وهم لبّ المشكلة ، موصوفون بالفساد وسوء الإدارة والمحسوبيات والتخطيط الركيك .
أمثلة ووقائع كبيرة ومقلقة تصلني كل يوم إلى مكتبي هنا في باريس وهي كناية عن خلاصات تصل بالتواتر إلى مكتبنا المركزي في بيروت عن الوزارات بكل فروعها ، عن المستشفيات الخاصة ، عن المستشفيات الحكومية ، عن المستوصفات الشعبية ، عن الوسائل الإعلامية، عن طيران الشرق الأوسط ، عن المؤسسات الأمنية ، عن معاناة شعبنا وأطفالنا وشيوخنا وشبابنا ...
ما معنى أن يتخلى هؤلاء السادة أصحاب الطموح في المشاركة في الحكومة ؟ ما معنى أن يتخلى هؤلاء السادة عن كل المؤسسات الرسمية التي تعاني من الإهمال ؟ ما معنى أن يعجـز الوطن الرسمي عن الإحتفاظ بمؤسساته ؟ ما معنى أن يعجـز هذا الذي يُطالب بالمشاركة عن القيام بواجباته ؟ ما معنى أن تبقى وزارات حكرا على فئة معينة ؟ ما معنى أن تبقى وزارات وقفا على أصحاب النفوذ ؟ ما معنى أن تبقى الوزارات محاصصة ومسكونة ومحتلة إذا جاز التعبير من المقربين والأزلام والأقرباء أصهر وما شابه؟ ما معنى أن يبقى المحظظون في كل إدارات الدولة يسرقونها على عينك يا تاجر ؟ ما معنى أن تبقى خيرات الخزينة في أيدي هؤلاء المُدّعين العفة في السياسة ؟
من أصدق ؟! هل الذين يخطبون نهار الجمعة ؟ هل الذين يخطبون صبيحة كل أحد ؟ كلاهما عاجزان عن إتخاذ موقف واضح من الذي يجري على الساحة اللبنانية أقله في موضوع تشكيل الحكومة ... يترفعون ويُحجمون عن إبدأ الرأي ويقولون لنا عندما نراجعهم بفداحة الأمور " نحن لا نتعاطى في التفاصيل " ولكنهم يتعاطون في كل شاردة وواردة من شأنها إضعاف الدولة لأن سكوتهم وتغاضيهم عن قول الحقيقة هو بمثابة المشاركة في الجرم . ألا يعملون بوصايا الله ، حتما لا لأن المسيحيين منهم يُناقضون ما جاء في الآية التالية : " لا تدع الشر يغلبكَ ، بل إغلب الشر بالخير ، لا يغلبنك الشر بل إغلب الشر بالخير ، يقيك الرب من كل شر " ، كما أن المسلمين يناقضون ما جاء في الآية الكريمة : " بشّر المنافقين بأنّ لهم عذابا أليما " سورة النساء الآية 138 .
إخوتي اللبنانيين لم يعد خافٍ على أحـد أن ما جرى ويجري حاليا لا يخضع لمنطق التقدم والمحافظة على الجمهورية ولا لمنطق الإصلاح ، ولا لخطاب القسم ، ولا لمهنية الرئيس المكلف ، ولا لمنطق الإنصاف في التمثيل ، ولا لمنطق تشجيع الكفاءات وإستقطاب شبابنا المثقف إلى كل إدارات الدولة وإنتشالهم من مستنقعات كذب ساسة الأمر الواقع والإحباط واليأس والهجرة والإنهيار والإنتحار ، إنه العار بحد ذاته ، ولا يخشون الرب الديّان ....
ما الفرق الشاسع بين ما يقوله ساسة الأمر الواقع وأفعالهم على أرض الواقع ؟ يسرقون الدولة ، يصادرون القرار الحر بقانون إنتخابي زوّر إرادة الشعب ، يدّعون العفة في السياسة ويمتهنون الدعارة السياسية ، يُضللون الشعب ويوقعونه في المصائب والمكائد ، يهملون القانون ويدّعون المحافظة على الدستور بحجة الميثاقية ، أين هم من مصلحة شبابنا وأهلنا المنهكين من كل هذه الويلات التي تصيبهم ؟
نحن في وطن يغيّب عنه القرار الحر حيث لا إستقلالية لدى من هم في سدّة المسؤولية ويكفي أن أستشهد بما قاله الوزير السابق وئام وهاب عشية الإستحقاق الرئاسي وما زكّاه أحد مناصري التيار الوطني الحر ومضمون الحديثين "عدم التوصيت للمرشح جوزاف عون ضمن خطة وضعوها ... " لكنها لم تُثمر لأن القرار أتى في الليل " التصويت للمرشح عون وإلاّ العصا..." نحن في وطن يخاف مسؤوليه من تطبيق اللامركزية الإدارية والهادفة إلى تخفيف الأعباء عن كاهل المواطن ، والسبب هو في الجباية التي تكون ملزمة في أقضية معينة ومعفاة في أقضية أخرى .. ويأتيك من يُطالب بالمشاركة ومصادرة وزارة المالية فعلا وقاحة.
الدكتور جيلبير المجبِّرْ
فرنسا في 23 كانون الثاني 2025