د. ليون سيوفي
باحث وكاتب سياسي
ألأديان تُعتبر جزءًا من الهوية التي يرثها الإنسان بالفطرة من بيئته وعائلته، وغالبًا ما تُغرس في الفرد منذ الصّغر دون أن يكون له خيار في البداية.
لكن مع ذلك، هناك فرصة للنّضج والتفكير الحرّ في ما يتعلّق بالإيمان وفهم الدين.
لماذا لا يتمّ تدريس مادة علم الأديان السماوية التي يتحارب الشعب من أجلها وكأيّ مادةٍ أساسية؟
فهذه المادة يمكن أن تفتح آفاق الطلاب وتُعلّمهم احترام الآخر بدلًا من التركيز على الاختلافات التي تُغذّي الانقسامات.
هذه الحصّة يجب أن تُدرّس في المدارس المسيحية والإسلامية ولا اعرف إذا كانت تُسمح بالمدارس اليهودية ..
يمكن أن تتضمّن هذه المادّة التعريف بالأديان السماوية الثلاثة (اليهودية، المسيحية، والإسلام) من منظورٍ تاريخيٍّ وفلسفيّ.
بحيث تُسلّط الضوء على القِيم المشتركة بين الأديان، مثل المحبة، العدالة، الرحمة، والعمل الصالح.
تعليم الطلاب كيفية الحوار بأسلوبٍ عقلانيٍّ محترمٍ عندما يتعلّق الأمر بالقضايا الدينية.
(وليس كما حصل في إحدى المحطات المرئية عندما تحاور طفلان (شيعي وماروني)عن دينهما بشكلٍ غير مقبول ..)
ألفكرة هنا ليست تغيير المعتقد الموروث، بل فتح الآفاق لفهمٍ أوسع وأكثر عمقًا للدين الذي ننتمي إليه، وللأديان الأخرى، ألمعرفة تمنح الإنسان مساحةً لتقدير التنوّع الديني والتعامل مع الاختلاف بتسامحٍ واحترامٍ.
إفساح المجال للمقارنة الشخصية بين دين الطالب والأديان الأخرى، مع تشجيع التفكير النقدي دون فرض رأيٍ معيّنٍ.
مثل هذا البرنامج يساعد الأطفال والشباب على تكوين وعيٍ بأنّ الدين وسيلةً لتقريب الناس وليس لتفريقهم.
كما يمنحهم فرصةً لفهم أنّ التنوّع غنى، وأنهم يعيشون في مجتمعٍ يمكن أن يكون متماسكًا رغم اختلافاته.
لضمان حيادية مادةٍ تعليميةٍ عن الأديان السماوية واحترام كافة الحساسيات، يجب اتبّاع خطواتٍ مدروسةً ومبنيةً على التعاون بين مختلف الأطراف المعنية، ومنها تشكيل لجنةٍ متعددة الاختصاصات تضمّ رجال دينٍ من الأديان السماوية، أكاديميين متخصّصين في تاريخ الأديان، وخبراء في المناهج التربوية.
هذه اللجنة ستضمن أن تكون المادة دقيقةً ومحايدةً، وخاليةً من أي تمييزٍ أو تحيّزٍ والتركيز على القيم المشتركة ويجب أن تكون المادة تعليميةً بحتةً، وتُبرز القيم الأخلاقية والإنسانية التي تشترك فيها الأديان، بعيدًا عن النقاشات العقائدية التي قد تكون حسّاسةً.
ألابتعاد عن التبشير ضمن هذه الحصّة والهدف من المادة ليس الترويج لدينٍ معيّنٍ، بل تقديم فهمٍ عامٍ لتاريخ الأديان وتعاليمها، بما يساعد الطلاب على تكوين رؤيةً متسامحةً وشاملةً.
يجب إعداد المعلّمين ليكونوا محايدين وقادرين على تقديم المادة بموضوعية لضمان حيادية مادّةٍ تعليميةٍ عن الأديان السماوية واحترام كافة الحساسيات.
يجب أن تُعرض المادّة على المرجعيات الدينية والسياسية في البلد، لضمان قبولها من الجميع وعدم إثارة أي حساسيات.
إشراك الطلاب في الحوار والسّماح لهم بالتعبير عن آرائهم ومناقشة الأفكار المختلفة بحريةٍ واحترامٍ، بما يعزّز ثقافة الحوار والتفاهم.
تطبيق هذه المادة قد يُحدث نقلةً نوعيةً في طريقة تفكير الأجيال القادمة وممكن أن تتبنّاها كلّ الدول وليس فقط لبنان ..
وممكن إصدار كتبٍ لهذه المادة ولجميع مراحل الطلاب التعليمية ..
هل سيكون المجتمع اللبناني مستعدًا لتقبّل فكرةٍ كهذه في الوقت الحالي مع التركيز على احترام جميع المعتقدات وعدم إثارة الجدل؟
هل يمكن أن تساعد هذه المادّة على الفهم المتبادل في تقليل التعصب والصراعات الدينية وتقبّل الغير وترك العادات والتقاليد الموروثة التي تُشكّل عائقًا في حياته؟
إذا جرّدت الأديان مما فيها من الزّوائد المذهبية والاجتماعية وجدناها دينًا واحدًا.