Achrafieh News 📰
دائرة العلاقات السياسية – قسم الإعلام
يتساؤلون لماذا تدخل المجتمع الدولي لحل معضلة الإستحقاق الرئاسي ؟ الجواب ألم يكن أجدى وأنفع لو ذهب نوّاب الأمة إلى المجلس النيابي وفقا للأطر الدستورية لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية التي تعرّضت لشتى أنواع التحجيم مع هذه الطبقة السياسية المفسدة ! وفقا لمصدر دبلوماسي إلتقيت به على هامش لقاء دعيتُ إليه من قبل مركز أبحاث أوروبي – مشرقي أنّ هناك العديد من الأسباب الموجبة التي إستوجبت هذا التدخل ومنها على سبيل المثال لا الحصر تقصير المجلس النيابي في القيام بواجبته الدستورية ، الخلافات التي تعصف بأركان المجلس النيابي ، التصاريح الإنفعالية التي يطلقها نواب الأمة والتي سببت ضررا فادحا لدى الرأي العام .
في المبدأ إنني أعتبر نفسي كمغترب لبناني وكمتعاطي في الشأن العام لخلاص وطني أنّ موضع الجمهورية اللبنانية يجب أن يكون من مهمتنا الدفاعية عن المؤسسات الرسمية وأن لا نوفر جهدا من أجل تطبيق الدستور وإعادة الأمور إلى نصابها الدستوري. إنني أخشى أن يأتينا مجموعات تعكِّر صفو الأمن والمشروع السياسي الذي من شأنه رد الإعتبار للنظام الديمقراطي اللبناني ، كما إنني أخشى من أي حملة تهدف إلى التجنّي على المسؤولين اللبنانيين الذين سيتوّلون مهاما رسمية بدءا من رئاسة الجمهورية إلى الرئيس المكلف وإلى وزراء الحكومة العتيدة ... مشروع إعادة الجمهورية كما وصفه لي الدبلوماسي هو " مشروع يتسم بالموضوعية والصراحة ويتوخى الحقيقة بعيدا عن أي إستغلال كما كانتْ تجري العادة عندكم ..."
من هذا المنطلق حضرة القارىء الكريم رأيتُ أن إعلان الحقائق للرأي العام في هذه الأجواء الضبابية السائدة سيكون صوتا صارخا في ضمير نواب لبنان ، وعلى ذلك الأمل أتمنى أن تنحسر موجة المصالح الخاصة ويعود للضمير السياسي المهني الأصيل وقعه ورونقه وأصالته وتأثيره على العقول النيِّرة ولصفاء النوايا . ومن حسنات لقائي مع الدبلوماسي العزيز أنه أتاح لي المجال في البحث معه بمواضيع عديدة منها : مواقف الدول الفاعلة على المسرح السياسي الدولي والتي يهمها الإستقرار في وطني ، ضبط عملية التنفيذ وما سيرافقها من مساعٍ خيِّرة وإيقاف كل المسائل الخطرة خارج الحدود اللبنانية .
عمليا لقد ألحق تأخير الإستحقاق الرئاسي ضررا كبيرا بالعملية الديمقراطية في لبنان ويندرج هذا الضرر على صعد كثيرة أختصر مهنا بعض البنود ومنها على سبيل المثال : تأخير تمثيل الطاقات الشبابية في المنظومة السياسية مما حمل العديد منهم على إتخاذ موقف الهجرة إلى الخارج ، الترهّل في المؤسسات الرسمية وبتنا أمام إدارة مترهلة بأغلبيتها لا تقوم بالواجبات المطلوبة منها للعديد من الأسباب التي باتت معروفة ، على مستوى القطاعات العسكرية هناك العديد من الشواغر في هذه القطاعات والعديد من الوظائف حرمَ منها أكثرية العاملين في الأسلاك العسكرية ... هذا ما يدفعني إلى القول أن الفراغ عطل العديد من البنود الأساسية وجردها من مضامينها كمثل تداول السلطة مثلا .
إنّ دقة الأوضاع لا بل خطورتها تطلب إرتفاع الجميع إلى مستوى مسؤولياتهم الوطنية ، فالمصالح الشخصية القائمة حاليا في البلاد يجب أن تختفي أمام مصلحة الوطن ، كما أنّ الأنانيات يجب أن تسكن في مجموعة أماني وطموحات شعبنا اللبناني الذي عاني الويلات من ساسة الأمر الواقع . إن شعبنا دفع غاليا من حياته ثمن هذه التجاوزات السياسية الدستورية ودفع ثمنا باهظا جراء الحرب الأخيرة التي كلفته شهداء ودمار وخراب وإعاقات وإحتلالات .
بإسم الشعب اللبناني الأصيل أطالب ساسة لبنان مع بداية العهد الجديد تجنب الحزازيات – الأنانيات – المصالح الخاصة – العمالة الإفتراءات – الإطراءات لأنها أوصلتنا إلى ما نحن عليه وكلها أتت على حساب الواقع والوطن والدستور والقانون والحقيقة . رحم الله والديّ عندما كانوا يقولون لي : " الصدق يا بني أوفى من الصداقات ، والحقيقة تتقدم على ما عداها ". كما إنني أطلب من رب العالمي : أيها الرب طهر زعمائنا من رجس الكذب ، وأبعِد الخيانة عن مسارهم السياسي ، لم نعُد نتحمل ويلات وخراب .
الدكتور جيلبير المجبِّرْ
فرنسا في 16 كانون الثاني 2025