رأى رئيس تيار “الكرامة” النائب فيصل كرامي أن لبنان يعيش واقعاً ومرحلة دقيقة للغاية واستثنائية في الوقت عينه، مشبهاً هذه الحقبة بحقبة نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، إذ أن لبنان قد شهد في تلك المرحلة كل التحولات التي حدثت في الاقليم والعالم وانتجت في النهاية وثيقة الوفاق الوطني عبر اتفاق الطائف.
وأضاف خلال تدوة طلابية أعدها قسم الإعلام والصحافة في جامعة الشرق في طرابلس: “ما حصل قبل وبعد اتفاق الطائف، طبع حياتنا في لبنان على مدى اكثر من30 عاما، وبسبب عدم معالجة الامور بشكل جيد وصلنا الى الازمات التي نعيشها هذه الايام”.
وتابع: “ان انكار المرض وعدم معالجته لا يؤدي قطعا الى التعافي، ونحن في لبنان عشنا طوال المدة المنصرمة حوالي خمسة وثلاثين عاما، حالا من الانكار على كل المستويات، فقد عشنا انكاراً على المستوى السياسي بعدم تحقيق اتفاق الطائف، كما عشنا انكارا في الموضوع الاقتصادي، والاقتصاد المستتر، الاقتصاد غير الحقيقي فقد عشنا فقاعة انفجرت بنا في آخر المطاف، ربما هذا الامر كان متوقعا حصوله خلال العام 2008 ولكن تأخر بفعل مختلف التطورات السياسية والاقتصادية والمالية التي حصلت على مستوى العالم”.
وأكد كرامي أن مرحلة الثمانينات وتأثيراتها بدءاً من “اغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي، وما حصل بعد ذلك من فراغ حكومي تبعه فراغ رئاسي بانتهاء ولاية الرئيس امين الجميل”،قائلاً: “حصل ذلك في ظل انقسام وتقسيم في لبنان، وانشطار العاصمة بين شرق وغرب حيث قطعت اوصال البلد الحواجز الطائفية والميليشياوية، وكان هناك اختلاف كبير طائفي اسلامي مسيحي”.
وشدد على أن الفراغ الحكومي كان سبباً اساسياً لتفاقم الأزمة السياسية والدستورية في البلاد، وتبع ذلك انتهاء ولاية الرئيس امين الجميل، بعدها ارباكات من تكليف الرئيس العماد ميشال عون وتوليه حكومة تقابلها حكومة أخرى يترأسها الرئيس سليم الحص”.
وأضاف: “لذلك فإن ما تغيّر مع الرئيس ميشال عون بين العامين 1988 و 2016 هو تغيير المعطيات الإقليمية والدولية، ففي العام 1988 كانت سوريا في لبنان وكان هناك تدخلات أميركية سعودية وحتى عراقية، ثم التأثير الأكبر هو الثلاثي الاميركي السعودي السوري والسعي لفرض الاستقرار في لبنان والانتقال لنظام جديد، نستطيع من خلاله التعاطي مع المرحلة في اعقاب انهيار الاتحاد السوفياتي واستخدام لبنان ومعهما سوريا في مواجهة هذا الانتقال خاصة ان سوريا كانت تعتبر ضمن المعسكر الشيوعي الاشتراكي، هذه معطيات كلها اثرت الى ابعد الحدود على الساحة اللبنانية”، مضيفاً أنه في عام 2016 ومع تولي الرئيس ميشال عون رئاسة الجمهورية، كان هناك امور قد تغيرت كغياب الرئيس صدام حسين وتراجع التأثير السوري في لبنان الى حد اصبح شبه معدوم، وربما هنا اصبح المؤثر الاميركي اقوى على الارض، مع بروز مؤثر جديد هو حزب الله بالأبعاد التي يمثلها لبنانياً وايرانياً.
وتابع: “كان لا بد للبنان من ان يتأقلم مع هذه المتحولات، وتجسد هذا التحول بذهاب الرئيس عون الى سوريا عند توليه رئاسة الجمهورية، قناعة منه حينها، بأنه يمكن لسوريا أن تلعب دوراً إضافياً في الحفاظ على استقرار لبنان، وذلك انطلاقا من وعيه لمسألة ان الاستقرار في لبنان مرتبط دائما بالاستقرار في سوريا او بالدور السوري”.
رداً على سؤال عن الدور الأميركي في المنطقة وتناغمها مع السوريين في فترة الثمانينات والتسعينات: “في تلك المرحلة كان يسود امر واقع في لبنان ومختلف دول العالم، اضطر الدول للتعاطي انطلاقا من هذه الواقعية مع مختلف الافرقاء وبخاصة مع سوريا، بالإضافة للمعطيات الإقليمية التي تجسدت بدخول الولايات المتحدة الى العراق وحاجتهم الى سوريا في تلك المرحلة”.
وعن مرحلة ما قبل تولي الرئيس ميشال عون رئاسة الجمهورية وطموحاته وطروحاته ومواقفه من مختلف الافرقاء ومختلف العناصر المؤثرة في المنطقة، أشار الى “التدخلات الدولية والإقليمية في لبنان وحاجة الدول الكبرى الى الاستقرار فيه، كما حاجة الإقليم الى هذا الاستقرار، وهذه المعطيات اثرت على احداث متتالية في لبنان منها حرب التحرير التي خاضها العماد عون”.
وأشار إلى أن اتفاق الطائف لم يطبق كاملا، والهدف منه كان الحفاظ على استقرار لبنان او التأكيد على مسألة الاستقرار فيه بشكل أساسي ووفق حاجة ضرورية.
واعتبر أن “اتفاق الطائف مبني في جوهره على مسألة التعاون بين اللبنانيين وبين المسؤولين السياسيين وفي المواقع الدستورية، وفي ظل غياب أي تعاون، انطلاقا من روحية اتفاق الطائف ليس من القدرة بمكان ان نعمل في لبنان، لان الاتفاق أصلاً وضع لكي يمضي من في لبنان سويا في العمل وفي تكافؤ العلاقات والصلاحيات”.
وأردف: “بعد الطائف، رأينا انه عند توافق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، كان البلد يتأثر فيثمر انتاجا على ارض الواقع، اما عند وصول رئيس جمهورية من مشرب سياسي ورئيس حكومة من مشرب سياسي آخر، فنلاحظ ان الأمور تتعرقل وتتوقف”.