31% من عدد الزيجات في لبنان تنتهي بالطلاق، وخلفها طلاقات مقنّعة لزوجين لا يستطيعان فسخ عقد القران لارتاطباهما بطفل، والوصمة التي تلاحق المطلقات، أو عدم القدرة على تحمل تبعاته والمصاريف المترتبة عنه.
وكشف مصدر في مركز السكان والتنمية في لبنان عن تراجع الزيادة الطبيعية للسكان بين عامي 2018 و2022، وهبوط كبير في عدد معاملات الزواج (-24.6 %) مع تزايد عدد معاملات الطلاق حتى وصلت إلى 31% من الزيجات تقريباً.
ما يطرح سؤال حول مدى تأثير الأزمة الاقتصادية على العلاقات الأسرية في لبنان.
المحلل والكاتب الاقتصادي، باسل الخطيب قال لموقع الجريدة “لا شك أن الطلاق في لبنان، كما في دول العالم، ظاهرة تزداد وتنتشر وتتأثر ببنية المجتمع وتشكل مؤشراً على انحلال الرابطة الزوجية وانقطاع التواصل بين مكوّني العائلة الرئيسيين، إلا أن ما نراه في لبنان في العام 2024، فهو استمرار لحالات الطلاق التي كانت تحصل من قبل لأسباب عديدة اقتصادية واجتماعية وثقافية دعمها تفاقم دراماتيكي للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية منذ خمس سنوات، أي بدءاً من الأزمة النقدية نهاية 2019، ومن ثم تراجع الاقتصاد بفعل إقفال الشركات والمؤسسات بسبب كورونا، وتبخر أموال المودعين ومدخراتهم في المصارف، إضافة إلى تاثر لبنان بالحرب على غزة والعدوان على الجنوب والبقاع وبيروت، ونزوح الناس وحالات التهجير”.
وأضاف الخطيب: “كل هذه العوامل أثرت سلباً على الترابط العائلي وأدت إلى استسلام بعض الأزواج، حيث اعتبروا أن الحل يتمثل بالهروب إلى الأمام واللجوء إلى الطلاق لبدء حياة جديدة لعلها تكون خلاصاً من الواقع الحالي”.
وأوضح أن “هناك عوامل أساسية ساهمت بزيادة حالات الطلاق في لبنان، وهي تدني القدرة الشرائية والغلاء المتواصل منذ العام 2020 وتسريح العديد من الشركات والمؤسسات لعمالها وموظفيها، وتدني قيمة الرواتب وقيام بعض الشركات بتسديد الرواتب بالعملة الوطنية التي انهارت أو باللولار وجزء بسيط بالدولار الأميركي، إضافة إلى استسهال بعض اللبنانيين اللجوء إلى الطلاق والزواج بفتيات من الجنسية السورية، كنّ قد نزحن إلى لبنان، لأن النازحات غير متطلبات ولا يفرضن شروطاً على الزوج كونهن يجدن في الزواج هروباً من واقع النزوح ويعتبرنه ارتقاء إلى الأفضل خصوصاً أن الزوج هو مواطن لبناني”.
وبحسب الخطيب فإن “الأزمة في لبنان لم توحّد العلاقات الزوجية فقط، بل كانت سبباً بتفككها وأعطت كل زوج أو زوجة حجة للانفصال، في ظل تدني راتب الزوج ورفض بعض الزوجات مساعدته، أو اتباع نظام اقتصادي جديد يحتوي تقشفاً وتخفيفاً من حياة الرفاهية وشراء ما يسمى بالكماليات فزادت على المرأة مسؤولية التربية في المنزل وبات بعضهن ملزمن على مضاعفة جهودهم في مكان العمل، فنفذ صبر الأزواج ولم يعودوا يتحلون بالصبر أبداً”.
ولا يمكن القفز فوق تأُثير وسائل التواصل الإجتماعي على حياة المتزوجين، بسبب كم “النصائح” ممن هم ليسوا أهلاً لذلك، يشجعون فيها على الطلاق كخلاص من “سجن الحياة” إلى الحرية.