ألقول بأنّ من هم “ضد السامية” يُعتبرون مجرمين ويُسجنون...هل يعقل هذا الكلام ؟
د. ليون سيوفي - باحث وكاتب سياسي
فالمسألة هذه تعتمد على السياق القانوني والثقافي في كل دولة.
في العديد من البلدان، خاصةً في أوروبا وأميركا الشمالية، قوانين تُجرّم خطاب الكراهية أو التحريض على العنف ضد المجموعات الدينية أو العرقية، بما في ذلك معاداة السامية.
على سبيل المثال ألمانيا وفرنسا، قوانين صارمة ضد إنكار المحرقة أو التعبير عن معاداة السامية، وهي تُعتبر جرائم يُعاقب عليها بالسجن أو الغرامات.
ألولايات المتحدة، رغم أنّ الدستور يضمن حرية التعبير، فإنّ أي خطاب يُحرّض على العنف قد يُعتبر غير قانوني.
أمّا بريطانيا، قوانين تحظّر خطاب الكراهية الذي يُعتبر معادياً لليهود أو لأي مجموعة أخرى.
لكن هناك فرق بين انتقاد إسرائيل كدولة أو سياستها وبين معاداة السامية.
ألعديد من الدول تُميّز بين الاثنين، ولكن في بعض الحالات، يُخلط بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية، مما يثير جدلاً كبيراً.
لذلك أغلب الدول الغربية، مثل ألمانيا وفرنسا، لديها قوانين صارمة تُجرّم معاداة السامية، خاصةً بسبب إرث المحرقة النازية (الهولوكوست).
إنكار المحرقة أو الترويج لخطاب كراهية ضد اليهود يُعتبر جريمة في هذه الدول..
إسرائيل تعتبر مكافحة معاداة السامية جزءاً أساسياً من وجودها كدولة, يتم تصوير إسرائيل أحياناً كـ”ملاذ آمن” لليهود في مواجهة الاضطهاد التاريخي حيث يُستخدم هذا المفهوم لتبرير السياسات الداخلية والخارجية، و يعتبر الإسرائيليون أي تصاعد في معاداة السامية تهديداً مباشراً لوجود اليهود.
في بعض الأحيان، يتم الخلط بين معاداة السامية وانتقاد سياسات إسرائيل. أي انتقاد لإسرائيل قد يُصنّف على أنه شكل من أشكال معاداة السامية، ما يثير جدلاً واسعاً في الأوساط الدولية.
إسرائيل تستخدم موضوع معاداة السامية أحياناً كأداة دبلوماسية للضغط على دول أو شخصيات تنتقد سياساتها، خاصةً في أوروبا وأميركا الشمالية.
جماعات الضغط الموالية لإسرائيل، مثل أيباك في الولايات المتحدة، تلعب دوراً في تعزيز التشريعات والسياسات التي تُدين معاداة السامية وتربطها أحياناً بانتقاد إسرائيل.
ألعديد من النشطاء والمنظمات ينتقدون استخدام إسرائيل لمعاداة السامية كوسيلة لإسكات أي انتقاد لسياستها تجاه الفلسطينيين.
يُرى أنّ هذا النهج يُضعف الجهود الحقيقية لمكافحة الكراهية ضد اليهود لأنه يخلط بين الدين والسياسة.
تتبنى تعريفات موسّعة لمعاداة السامية (مثل تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة) التي تشمل أي معارضة لحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية.
في النهاية، القضية معقدة وحساسة، والجمع بين الدين، والسياسة، والتاريخ يجعلها محل جدل عالمي مستمر.
ألحل هو بالحياد الجذري قد يبدو حلاً نظرياً جاذباً في مواجهة النزاعات والتوترات، خاصةً في القضايا التي تحمل أبعاداً عرقية أو دينية مثل معاداة السامية أو صراعات الشرق الأوسط.
لكن تطبيق الحياد بشكلٍ عمليٍّ يعتمد على عدة عوامل.
إيجابيات الحياد الجذري بالتوازن والانصاف أي الابتعاد عن الانحياز لأي طرف قد يساعد في تقليل التوترات وتعزيز الحوار.
بحماية المصالح الوطنية، الحياد يُجنب الدول أو الأفراد الدخول في صراعاتٍ هم بغنى عنها.
تعزيز الاستقلالية، الحياد يُبعد تأثير الضغوط الخارجية أو الاستقطاب السياسي.
لكن التحديات تكمن بالضغوط الدولية، مثل الدول أو الأفراد المحايدون قد يُتّهمون بالضعف أو التهرب من المسؤولية.
سوء الفهم ، للحياد قد يُفسّر أحياناً على أنه دعم ضمني لطرفٍ معين بسبب غياب موقفٍ واضح.
التطبيق في الواقع، أنّ القضايا الحساسة مثل معاداة السامية، قد يكون الحياد صعباً لأنّ الأطراف المختلفة قد تطلب موقفاً واضحاً.
كيف يتحقق الحياد الجذري؟
الفصل بين القضايا، ويجب توضيح أن انتقاد سياسات دولة (مثل إسرائيل) لا يعني معاداة شعب أو دينٍ معيّن.
تعزيز القوانين العادلة، فالقوانين تضمن حرية التعبير مع وضع حدودٍ واضحة لخطاب الكراهية والتحريض.
ألتربية على القيم المشتركة، بنشر ثقافة الحوار والاحترام المتبادل.