لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة


بين اليوم ، التاسع من تشرين الثاني 2024، والعشرين من كانون الثاني 2025 ، مسافة إثنين وسبعين يومًا ، لعلها الأطول في تاريخ لبنان ، زمنيًا تقاس بالأيام ، لكنها عمليًا تُقاس بالسنوات الضوئية.

 لبنان اليوم ، مثله مثل دول المنطقة ، يعيش على التوقيت الأميركي ، مرَّت الأسبوع الفائت الذكرى السنوية الثانية على الفراغ الرئاسي في موقع سدة رئاسة الجمهورية، قليلون من اللبنانيين تذكروا هذه المحطة ، لكن الكثيرين حفظوا محطات الخامس من تشرين الثاني ، موعد استحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية ، وموعد العشرين من كانون الثاني المقبل ، دخول الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.


إنها الأسابيع الأطول في تاريخ هذه الحرب التي دخلت شهرها الرابع عشر ، وخطورة الأسابيع الآتية أنها “وقت ضائع” أو “وقت ملتبس” بين إدارة أميركية راحلة لم تُظهِر حزمًا وحسمًا في هذه الحرب، وبين إدارة آتية يُظهِر رئيسها حزمًا وحسمًا، فهل تصل “شظايا” هذا الحسم والحزم إلى لبنان؟

المساعي الأميركية ستتراجع إلى الحدود الدنيا، فإدارة الرئيس بايدن ستكون في مرحلة أفول شبيهة بأفول إدارة الرئيس جيمي كارتر الذي أنهى ولايته بمأزق الرهائن الأميركيين في طهران والذين لم تفرِج عنهم الجمهورية الإسلامية، الواصلة حديثًا ، إلا في اليوم الأول لدخول الرئيس الأميركي الجديد، آنذاك، رونالد ريغن ، إلى البيت الأبيض .


اليوم ، في الأسابيع المتبقية حتى العشرين من كانون الثاني ، لا تستطيع الإدارة الآفلة أن تقدِّم أي شيء ، موفدها الرئاسي آموس هوكشتاين لم يعد لديه ما يقدمه، بعدما كان نجم المنطقة على مدى سنوات ، وحقق خرقًا لم يسبقه إليه أحد ، وهو الترسيم البحري ، وجهِد ليتوِّج مهمته بتحقيق وقف النار بين إسرائيل وحزب الله ، لكن لا إسرائيل تريد إعطاءه هذا الإنجاز ، ولا حزب الله ، ومن ورائه إيران ، يريدان إعطاء “الراحل” ، تمامًا كما حصل مع الرئيس كارتر منذ خمسة وأربعين عامًا.

الأسابيع المتبقية حتى العشرين من كانون الثاني المقبل ستشكِّل العد العكسي لإسرائيل لتحقيق ما تريد تحقيقه ، وستكون في سباق مع الوقت ، وما بات واضحًا حتى اليوم أن إسرائيل ستكثِّف عملياتها في الأسابيع العشرة الآتية ، وقد تدخل إلى قاعة المفاوضات وبين يديها “خارطة العمليات” وفيها ” سيطرتها بالنار ” بعمق خمسة كيلومترات في الجنوب اللبناني ، وبطول يمتد من الناقورة إلى شبعا ، وكل المؤشرات تقول إنها لن تتنازل عن هذا “الإنجاز” إلا لقوة تستطيع ضمان تلك المنطقة وعدم السماح مجددًا لحزب الله بأن يتغلغل فيها ويحفر أنفاقه وصولًا إلى الخط الأزرق وربما إلى ما بعد الخط الأزرق ويبني منشآته العسكرية فيها وبنيته التحتية.


في المقابل ، ماذا سيفعل حزب الله في الأسابيع المتبقية حتى العشرين من كانون الثاني المقبل؟ على الوتيرة التي هو فيها ، مزيدٌ من “الصليات” الصاروخية التي ترد عليها إسرائيل بمزيد من الضربات التدميرية.