غيبوبة القطاع التربوي…إلى أين؟


كتبت الإعلامية د.علا القنطار
وطننا يتألّم وكل مَن وما فيه يعاني والشلل يصيب جميع القطاعات ونخصّ هنا بالذكر القطاع التربوي.
سنوات من الغيبوبة أصابت القطاع التربوي في لبنان منذ العام 2019، ما دفع بهذا القطاع الذي كان رمزًا للتفوّق والتقدّم إلى التّراجع شيئًا فشيئًا حتّى دخل مرحلة الانهيار الكامل ولم تعُد الأزمة التربويّة في لبنان مجرد قضيّة محلية، فقد أصبحت أزمةً وطنيّة تلامس مستقبل الأجيال، بل وتحمل انعكاسات سلبيّة على الصورة التي يرسمها المجتمع الدولي عن التعليم اللبناني.
ومن ناحية أخرى، مع الأزمة الاقتصادية التي ضربت لبنان منذ العام 2019 التي ترافقت مع انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار، بدأ القطاع التربوي يعاني من هجرة العقول التعليمية وذوي الكفاءة والاختصاص ما أدّى إلى نوع من التعطيل في المؤسسات التربوية. ثمّ تراكمت المشاكل من نقص الرواتب وعدم كفايتها لتلبية احتياجات المعلمين، إلى غياب الموارد الأساسية في المدارس والجامعات. فأصبحت المؤسسات التعليميّة التي لطالما افتخر بها اللبنانيون، تعاني من شللٍ شبه تام، حيث تحوّل التعليم إلى رفاهية لا يستطيع الجميع تحملها.
لطالما اعتُبِرَ التعليم في لبنان أحد أبرز عناصر القوة الدّاعمة للبلاد، حيث خَرَّجت مدارسُه وجامعاتُه أجيالًا منَ القادة والمفكّرين الذين تميّزوا على السّاحة المحلية والدّولية. لكن اليوم، باتت الجامعات الأوروبية، التي كانت تستقبل الطلاب اللبنانيين بكثافة، تشكك في جودة التعليم الذي يتلقّاه هؤلاء الطلاب في بلادهم. وقد ظهرت تحدّيات جديدة أمام الطلاب اللبنانيين في الحصول على الاعتراف بشهاداتهم أو القبول بتسجيلهم في برامج الدراسات العليا في الخارج، ما يعكس نظرة متزايدة السلبية تجاه مستوى التعليم في لبنان.
في ظلّ هذا الواقع المأساوي، سؤالٌ يطرحُ نفسَه : هل هناكَ أمل في إنقاذ القطاع التربويّ في لبنان؟
الإنقاذ يتطلب خطّة شاملة تتضمن:
– دعم المعلّمين: توفير رواتب عادلة ومستقرّة تعيد الكرامة للعاملين في القطاع.
– إصلاح المراكز التعليمية وضمان توفير المرافق والموارد الضرورية للمدارس والجامعات.
– التعاون الدولي : الإستفادة من دعم المؤسسات الدولية لإعادة بناء نظام تعليميّ حديث وفعال.
– إصلاح النظام الإداري : وضع سياسات تربويّة طويلة الأمد تضمن الوصول إلى أهداف التنمية المستدامة.
– تفعيل دور وزارة الثقافة في نشر المعرفة وتأمين الموارد الضرورية للمتعلّمين للتعرّف على التاريخ والجغرافيا والأدب بشكلٍ عام ونشر المعرفة والثقافة العامّة بين الأفراد وذلك من خلال مشاركتها ومساهمتها في تطوير الموارد والمناهج التعليمية.
ولكن تبقى المعضلة الأكبر أنّ السّؤال لا يقتصر فقط على إنقاذ القطاع التربوي، بل يشمل إنقاذ لبنان ككلّ. فالأزمة التربوية ليست سوى انعكاس للأزمة الوطنية الأوسع. ومع ذلك، لا يمكننا الإنكار أنّ تعليم وتثقيف وتوعية الأجيال الصاعدة هو المفتاح الوحيد للخروج من النّفق المظلم.
فهل سيبادر المجتمع الدولي والمحلّي إلى تقديم يد العون قبل فوات الأوان؟ أم سيبقى القطاع التربوي اللبناني في غيبوبته، حتى يُكتب له نعيٌ نهائي؟