ما الذي يخفيه جيش الاحتلال عن “الإسرائيليين”؟


شنّ جنرال كبير سابق في جيش الاحتلال الإسرائيلي هجوماً عنيفاً على حكومة بنيامين نتنياهو وعلى الجيش.

ووصف الجنرال إسحق بريك سلوك المستوى السياسي في كيان الاحتلال الإسرائيلي بأنه “منحرف”، وأنه “تتغلب لديه الاعتبارات السياسية للبقاء، على اعتبارات الأمن القومي”. كما اتهم جيش الاحتلال بأنه يكذب وأنه “يتآكل” و”في حالة تفكّك”، ورأى أن مستوطني كيان الاحتلال بأنهم يتصرفون كـ”قطيع هائم، لا يعرف ما الذي يحدث من حوله ويدعم المستوى السياسي والأمني الذليل”.

وكتب الجنرال إسحق بريك جنرال وخبير عسكري إسرائيلي. خدم في سلاح المدرعات قائدا للواء وفرقة وقوات وقائداً للكليات العسكرية في في جيش العدو الصهيوني، مقالة في صحيفة “هآرتس” العبرية جاء فيها:

لو جاء كائن من الفضاء الخارجي ونظر إلينا من أعلى، ماذا سيرى؟ سيرى حرباً تستمر منذ أكثر من سنة، ولا نهاية لها. سيرى بأنه لم يتحقق أي هدف من أهداف الحرب، سواء تحرير المخطوفين، أو عودة النازحين من الشمال إلى بيوتهم، أو تدمير حماس أو حزب الله، أو إبعاد إيران عن وكلائها. سيرى أن اقتصاد إسرائيل في حالة انهيار، والمناعة الاجتماعية في حالة تفكك، وعلى شفا الحرب الأهلية، والعالم المتنور ينفصل عن إسرائيل، والجيش البري يتآكل إلى أقصى درجة.

سيرى هذا الكائن أن الجيش لا يخبر المستوى السياسي بحقيقة الأزمة الشديدة في صفوفه، وجنود الاحتياط الذين أصبح 40 في المئة منهم يصوتون بالأرجل وهم غير مستعدين للخدمة مرة أخرى، والجنود النظاميين الذين يسرحون بسبب حالتهم النفسية والجسدية وعدم قدرتهم على مواصلة القتال. سيرى أيضاً بأن الجيش البري بات في حالة تفكك من ناحية القوة البشرية وتنقصه الوسائل القتالية.

سيرى هذا الكائن ما وصفه الصحافي ايتي انغل في برنامج “عوفدا” الأسبوع الماضي. وإليكم ملخص ما قاله (في مقاله عرض ضمن أمور أخرى، توثيقاً لجنازة وعدد من أعضاء حزب الله الذين يطالبون بقتل شعبنا): “العدو تعزز، والثمن الذي يتمثل بحياة الإنسان ارتفع، والحل السياسي بعيد أكثر من أي وقت مضى، والصورة التي يعرضونها بأن حزب الله ضعيف وأن الجيش الإسرائيلي هو المنتصر في الحرب في لبنان، مختلفة كلياً، هم (مخربو حزب الله) لا يظهرون كمنظمة إرهابية مهزومة وتريد التوصل إلى اتفاق سياسي، هم يظهرون كمتعطشين للدماء ومملوئين بالكراهية والثأر. وإذا كان كل الجنود الذين فقدناهم من أجل تدمير المزيد من البيوت في جنوب لبنان والسلاح والأنفاق، فالمسألة مسألة وقت إلى أن يعاد بناء كل هذه الأشياء. الصورة التي يعرضها المراسلون والمحللون العسكريون عن الواقع في لبنان لا تتفق مع الواقع الحقيقي”.

هذا الكائن الفضائي سيرى كيف يحاول رئيس الأركان هاليفي أن يعرض على المستوى السياسي والجمهور صورة تقول بأن الجيش قوي جداً وقادر على تنفيذ أي مهمة تلقى عليه إلى أن يتم تحقيق أهداف الحرب. لذلك، فإن وزير الدفاع الجديد، إسرائيل كاتس، المقطوع عن الواقع كلياً، يقول بوجوب مواصلة القتال ضد حزب الله حتى هزيمته بشكل كامل. وهليفي يفعل ما يؤمر به دون أن يشرح له بأن وضع الجيش الإسرائيلي متدن، ولا يمكنه الدخول في عملية برية عميقة ولا البقاء في المناطق التي احتلها بسبب نقص كبير في جنود الاحتياط. الجيش لا يمكنه أيضاً وقف مئات الصواريخ والقذائف والمسيرات التي تطلق يومياً وتشل الحياة وتدمر الشمال. رئيس الأركان يساهم في إخفاء الحقائق بشكل كبير، إلى جانب المستوى السياسي، وفي تفكك الجيش البري والتسبب بعدد كبير من القتلى والمصابين.

سيرى هذا الكائن سلوك المستوى السياسي المنحرف، الذي تتغلب لديه الاعتبارات السياسية للبقاء، على اعتبارات الأمن القومي. وسيرى أيضاً كيف يتصرف الكثير من أبناء الشعب كقطيع هائم، لا يعرف ما الذي يحدث من حوله ويدعم المستوى السياسي والأمني الذليل. سيرى كيف يغادر أفضل أبنائنا البلاد لأنهم فقدوا الأمل في بناء مستقبلهم هنا. سيرى كيف وصلت دولتنا، ابنة الـ 77 سنة فقط، إلى إنجازات بارزة في مجالات كثيرة مثل العلوم والتكنولوجيا والاقتصاد والطب وما شابه، وهي الآن تقف على شفا الانهيار.

في نهاية المطاف، سيرى هذا الكائن كيف فتح وزراء الحكومة عيونهم وأدركوا أنه لا يمكنهم تدمير حزب الله وإنهاء الحرب بقوة الذراع. وبناء على ذلك، توجهت الحكومة الآن إلى مسار التسوية السياسية بوساطة أمريكية.

مع كل ذلك، بالتحديد رؤساء السلطات المحلية في الشمال، لا يوافقون على فكرة التسوية السياسية؛ لأنهم لا يثقون بأي اتفاق مع حزب الله، لها يطالبون بهزيمة عسكرية مطلقة تطال حزب الله ـ وهو الطلب الذي لا يصمد في امتحان الواقع. هؤلاء هم نفس رؤساء السلطات الذين وثقوا قبل الحرب بقدرات الجيش. وكنت شرحت لهم بأنه لا يمكن للجيش أن يحميهم، أو يهزم حزب الله، لكنهم لم يرغبوا في الاستماع، ولم يعدّوا المستوطنات للحرب في أي مجال. لو هاجم مخربو حزب الله مستوطنات الشمال في موازاة هجوم حماس في 7 أكتوبر لكان هناك آلاف القتلى والمخطوفين الآخرين، ولتم احتلال الجليل كله. حتى الآن، لدينا 100 ألف نازح، بلداتهم مدمرة وحقولهم محروقة. في بداية الحرب، أردت الالتقاء مع رؤساء السلطات في الشمال لأشرح كيف عليهم الاستعداد أمام الصواريخ والقذائف والمسيرات التي ستطلق نحو مدنهم (قيادة الجبهة الداخلية لم تفعل أي شيء حيال ذلك). ولكنهم رفضوا الالتقاء. رغم ذلك، لم يدركوا بعد الدرس، ويطالبون الجيش بهزيمة حزب الله بشكل مطلق، وإلا فلن يعودوا إلى بلداتهم.
كائن الفضاء الذي ينظر إلينا، سيرى أن عدداً من رؤساء المجالس والبلدات في الجليل الذين تخلوا عن البلدات وعن السكان في الاستعداد للحرب، وأيضاً أثناء الحرب، لا يستحقون البقاء في مناصبهم. هذا الكائن سيرى بأنه لدينا منذ بداية الحرب حتى الآن 1772 قتيلاً و21744 جريحاً، و787 جندياً قتيلاً، و101 مخطوف (أحياء وأموات) و143 ألف نازح من بيوتهم، وتقريباً 300 ألف من الذين يخدمون في الاحتياط تم تجنيدهم، و26240 إطلاقاً للصواريخ والقذائف والمسيرات نحو أراضينا.

هذا الكائن سيعود إلى أصدقائه في العالم الخارجي ليخبرهم: “لن تصدقوا ما رأيت، في الكون أشخاص أكثر جنوناً منا”.