بعد هدنة لبنان.. هل سيحلّ السلام على الشرق الأوسط؟


قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أنه سيكون من الصعب تحقيق سلام أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، في حين يلوح التهديد الإيراني لإسرائيل في الأفق فوق أي جهد دبلوماسي.



وأشار التقرير إلى أنه رغم صعوبة تحقيق وقف إطلاق النار في لبنان، إلا أنه كان الجزء الأسهل، على حد تعبيره.




وبعد المساعدة في التوصل إلى الاتفاق هذا الأسبوع، أصر الرئيس الأميركي جو بايدن على أن “السلام ممكن”، مما يعكس الآمال في أن يكون وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله في لبنان خطوة أولى نحو إنهاء الصراعات في جميع أنحاء الشرق الأوسط الأوسع.



لكن كاتب التقرير يرى أن العقبات التي تعترض السلام خارج لبنان هائلة، وأنه من المرجح أن تقع مسؤولية أي إعادة تنظيم إقليمي على عاتق خليفة بايدن، دونالد ترامب.


وكانت كل من إسرائيل وإيران، القوة الإقليمية التي تدعم حزب الله، تريدان إنهاء القتال في لبنان، ولكل منهما أسبابها الخاصة.


وبعد أن تقلصت قوته إلى حد كبير، لم يعد أمام “حزب الله” أي بديل، وفق ما يقول التقرير.
السلام ليس وشيكاً في غزة


يرى الكاتب أنه، ورغم تحقيق السلام في لبنان، إلا أن هذا لا يعني أن السلام بات وشيكاً في غزة، فما زالت إسرائيل وحماس بعيدتين عن التوصل إلى وقف إطلاق النار.


وما زالت القوى الإقليمية الرئيسية تصر على إقامة دولة فلسطينية، وهو الاحتمال الذي يبدو بعيداً على نحو متزايد، وفق ما يرى الكاتب.


وأخيراً وليس آخراً، فإن احتمال امتلاك إيران للسلاح النووي يلوح في الأفق فوق أي جهد دبلوماسي.

وفي خطابه إلى الإسرائيليين لشرح سبب موافقته على وقف إطلاق النار في لبنان، كان رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو واضحاً لا لبس فيه: “السبب الأول هو التركيز على التهديد الإيراني”.
مع هذا، يشير الكاتب إلى أن إيران ستكون على رأس قائمة أولويات ترامب في المنطقة.
وهذا ليس فقط لأنها تشكل المحور الرئيسي للتهديدات التي تواجه إسرائيل، بل وأيضاً لأنها تواصل تخصيب اليورانيوم الذي يمكن تحويله بسرعة إلى أسلحة، والوقت ينفد للتوصل إلى اتفاق جديد للحد من إنتاجها.
ويضيف التقرير أن هناك عوامل تعمل لصالح ترامب، فإيران، التي باركت وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، تحاول أن تظهر لإدارة ترامب القادمة أنها منفتحة مرة أخرى على التوصل إلى اتفاق تفاوضي بشأن برنامجها النووي، كما يقول دبلوماسيون ومحللون.
ويقولون إن إيران، في ظل الأضرار الجسيمة التي لحقت بحلفائها حزب الله وحماس، والضعف الذي أصاب دفاعاتها الجوية، تريد تجنب المواجهة العسكرية المباشرة مع إسرائيل والحصول على تخفيف اقتصادي من العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي.
ولذلك كانت طهران حريصة على إظهار استعدادها المتجدد للتفاوض بشأن تخصيب اليورانيوم الذي يتوسع بسرعة، والذي أصبح على بعد أسابيع قليلة من الوصول إلى درجة صنع الأسلحة، قبل أن يتولى ترامب منصبه.
وتقول سنام فاكيل، مديرة قسم الشرق الأوسط في تشاتام هاوس، إن الإيرانيين، إلى جانب كل من حولهم في الشرق الأوسط، يحاولون استمالة “طموحات ترامب في عقد الصفقات”.
وأضافت أنهم يستعرضون امتثالهم في لبنان وأعادوا التواصل مع الأوروبيين، ملوحين بإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي جديد.
وتابعت: “لكن الوصول من هنا إلى الطاولة والتوصل إلى اتفاق هو عملية صعبة للغاية، والوقت يمضي بسرعة”.

ترامب والضغط الأقصى
في ولايته الأولى، انسحب ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران، مصراً على أنه ليس صارماً بما فيه الكفاية.
وأسس الرئيس المنتخب، سياسة “الضغط الأقصى”، وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية الصارمة على إيران وأضاف المزيد منها.
يقول علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، إن إيران، التي يعيش اقتصادها في حالة مدمرة، ترغب في تجنب “الضغط الأقصى 2.0”.
وتحاول إيران والدول الأوروبية التي ساعدت في التفاوض على اتفاق 2015 وفشلت في الحفاظ عليه ــ بريطانيا وفرنسا وألمانيا ــ حالياً استكشاف إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد، إلى جانب المناقشات حول كيفية تهدئة التوترات في الشرق الأوسط الأكبر، حيث سعت إيران إلى توسيع ثورتها الإسلامية.
والأمل هو إقناع ترامب بالامتناع عن تطبيق مجموعة جديدة من العقوبات الاقتصادية القاسية بمجرد عودته إلى الرئاسة في كانون الثاني.
وقال فايز: “قد يكون ترامب مستعداً لـ”الضغط الأقصى 2.0″، لكن إيران لم تعد قادرة على دعم “المقاومة القصوى 2.0”.


وأضاف: “إنهم يريدون تجنب مواجهة أخرى مكلفة مع ترامب واستكشاف فرص التوصل لاتفاق”، معتقداً أن ترامب يمكنه إقناع الكونغرس الأميركي بدعم هذا الاتفاق.

ولتحقيق هذه الغاية، سيلتقي نائب وزير الخارجية الإيراني مع مسؤولين أوروبيين في جنيف الجمعة، وذلك للبناء على اجتماع سابق عقد في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول.

ورعت نفس هذه الدول الأوروبية قراراً في الأسبوع الماضي يفرض الرقابة على إيران لعدم شفافيتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، ربما لظهروا لترامب أنهم أيضاً على استعداد لأن يكونوا أكثر صرامة مع إيران، وفق ما يرى الكاتب.

وتصر إيران بانتظام على أن برنامجها النووي مخصص لأغراض مدنية بحتة، لكنها تعمل على تخصيب اليورانيوم إلى مستوى ليس له استخدام مدني ولكنه قريب من المستوى العسكري.

ولا يتوقع المسؤولون الأوروبيون الكثير من الاجتماع يوم الجمعة، لكنهم يرون فيه وسيلة للتحضير لرئاسة ترامب والتأثير على سياسته تجاه إيران.