المحبة.. لا التحريض يا أبانا!




بشكل عام، يمكن القول إن اللبنانيين بمعظمهم، يثبتون في كل مفصل صعب أنهم حريصون على الوحدة الوطنية، وبالتالي على لبنان، وأن أي ألم يصيب أي لبناني هو ألم الجميع، وأنهم مع اللبناني كائناً من كان ضد العدو.

ولهذه الحالة العامة تُرفع القبّعة، ولذلك لبنان لا يزال صامداً على الرغم من كل ما مرّ عليه وكل ما مرّ فيه.

ولكن، دائما هناك استثناءات، والتنبيه منها واجب، خصوصاً إذا كان صوتها واصلاً، وأحدّد هنا بعض رجال الدين.

ففيما كان الشهيد محمد بركات يُزف في باحة كنيسة زغرتاوية أصيلة، كان صوت كاهن يصعد من قلب كنيسة في منطقة أخرى ويقول بالحرف: “الشيعة باتوا بين المسيحيين قنبلة موقوتة”.

وفي الحقيقة، كلامه هو “القنبلة” التي يمكن أن تفجّر اقتتالاً داخلياً نحن بغنى عنه، لأن عدوّنا من الخارج.

ولو قال مثلاً: “إذا كان هناك سلاح بينكم فهذا يشكل خطراً”، لكنّا ابتلعناها.. ولكن أن يعتبر طائفة أساسية من لبنان على أرض لبنان “قنبلة موقوتة”، فهذه “ما بتقطع”، وهذا تحريض طائفي موصوف ويجب أن يُحاسَب عليه.

والمطلوب من رجال الدين أن يكونوا دعاة ألفة ووحدة ومحبة لبعضنا البعض على أرضنا الواحدة، كلٌ على دينه وطقوسه.

العدو هو من يريد أن يمرر الفتنة على جناح الحرب، واللبناني يجب أن يمنع هذه الفتنة على جناح الحب الذي يتميز به الشرق الأصلي، وخصوصاً لبنان.

فكيف لرجل دين أن يسمح لنفسه أن يخدم مخططات الأعداء الذين منذ وجودهم على أرضنا المقدسة، يشتغلون على تقسيمنا دويلات مذهبية لتأخذ يهوديتهم العنصرية راحتها ومداها؟

وكيف لرجل دين أن يسمح لنفسه أن يهاجم طائفة “بأمها وأبيها” من منبر ديني، وهو عايش الحروب الداخلية وما جنته على لبنان وعلى المسيحيين؟

وكيف لرجل دين أن يصف أبناء مذهب أصيل بـ”القنبلة”، فيما يجب أن يكون عارفاً أن سقوط أي طائفة هو سقوط للبنان الصيغة، وللبنان الكبير المولود من رحم البطريركية المارونية، وللمسيحيين بالذات الذين هم خميرة هذه الأرض وملحها؟
فبأي ملح يُمَلّح عندها؟

يا أبانا.. جرّبنا أن نكون ضد بعضنا، واكتشفنا أن كل محاولات التقسيم والشرذمة والتقاتل الداخلي لا تؤدي إلا إلى الانتحار.

والحريّ بك أن تلتزم بكلام الإنجيل، ومطلوب من البطريركية المارونية التحرك لخفض تلك الأصوات، ونحن بتصرّفها من أجل المسيحيين ومن أجل لبنان، إذ لن يبقى إنسان له دين في هذا الوطن من دون وجود كل المكونات.

وفي الختام: يسوع “عرّفنا المحبة التي يظهرها الله بيننا وآمنّا بهذه المحبة” (١ يوحنا ٤،٦)… المحبة لا التحريض يا أبانا.