لا خيار إلا الم...قاومة...


Achrafieh News 📰




إن إبادة غزة بدأت بسلسلة الاعتداءات عليها وعلى الضفة الغربية، وبحصارها المستمر منذ عشرات السنين، وكذلك عبر إلغاء مفاعيل اتفاق أوسلو، الذي كان لصالحها في أغلب بنوده، رغم ذلك، عملت الدولة الصهيونية على تشجيع الاستيطان، حيث بلغ عدد المستوطنين الجدد في مناطق ما يُسمى السلطة الفلسطينية، أكثر من مليون ونصف مليون مستوطن، معظمهم مسلحون، بعد أن كان عددهم حوالي 200 ألف عند توقيع الاتفاقية التي تمنع الإستيطان.
وتُوّج ذلك عبر قرار الكنيست دفن أوسلو وعدم إقامة أيّ دولة فلسطينية حتى ولو كانت مسخاً.
واليوم يعودون إلى مشروع التوطين في غزة، بعد إبادة أهلها وتهجيرهم وتدمير مدنهم ومخيماتهم، وآخر جرائمهم كانت محرقة المخيمات، حيث مات النساء والأطفال حرقاً في الخيم تحت أنظار العالم، ما شكّل هولوكوست حقيقياً مصوّراً وموثّقاً تحت أنظار الحكّام، الدمى، في الغرب وفي العالم العربي.
عندما نتكلم عن مشروع الإبادة اليوم في لبنان، لا نستعيد التاريخ فقط، بل نحيلكم إلى تصريح المجرم بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة، والتصريحات اليومية للمجرم يسرائيل سموتريتش، وهما أكدا أن المشروع يتعدى فلسطين ولبنان، ليشتمل على ما أسموه “إسرائيل العظمى” أو “إسرائيل التوراتية” التي تضم إلى فلسطين ولبنان، الأردن وسوريا ومصر والعراق وقسماً من السعودية.

إن إبادة الشعب اللبناني بدأت منذ إنشاء الكيان الصهيوني عام 1948، بسلسلة مجازر أكبرها مجزرة قرية حولا على أيدي الجيش الصهيوني الذي تشكل بعد دمج عصابات الهاغانا والأرغون وشتيرن، وبلغ ضحاياها المئات، ومن ثم الاعتداءات المستمرة براً وبحراً وجواً على لبنان.
وتكفي الاشارة إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية الموثّقة بين عامي 1968 و1973 بلغت ألفي غارة واعتداء، في الوقت الذي كان فيه النظام اللبناني عاجزاً وغير قادر بحكم تبعيته إلا على تقديم الشكاوى أحياناً لمجلس الأمن، هذه المؤسسة الأممية التي احتضرت منذ فترة، ولم تعد قادرة على القيام بأي دور، خصوصاً أنها هي التي أنشأت الدولة الصهيونية بقرارها المجرم، قرار التقسيم عام 1947.
في مواجهة هذه الاعتداءات، لم يكن أمام شعبنا سوى اعتماد المقاومة الشعبية، التي بادر لتأسيسها تقدميون ووطنيون لبنانيون، وفي طليعتهم الشيوعيون اللبنانيون، منذ عام 1964، والتي تُوّجت بإنشاء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية بعد الاجتياح الصهيوني عام 1982.
وفي إطار هذا المفهوم الشعبي المقاوم، وعلى ضوء التطورات العالمية والإقليمية، كانت المقاومة الإسلامية الحالية، بما نعتبره استمراراً لمنطق المقاومة ولمسار التحرر الوطني في مواجهة المخططات الصهيونية والأميركية.

ما يجري اليوم في لبنان، ما هو إلا تنفيذ لخطة الإبادة ولإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط، عبر إنشاء “الدولة الصهيونية العظمى”، والتدمير الممنهج لقرى كاملة تُمحى من الوجود، ومجازر طاولت حتى اليوم أكثر من 2500 شهيد، و11 ألف جريح، 70% منهم من النساء والأطفال.

كما كنا دائماً، لا خيار أمام شعبينا في فلسطين ولبنان إلا المقاومة، وها هي مقاومتنا في لبنان، كما في غزة والضفة، تمنع العدو حتى الآن من تحقيق أهدافه، وتضعه أمام مأزق حقيقي ووجودي، رغم الآلام والخسائر الكبيرة التي طاولت المقاومة وقياداتها، وأبرزهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وقبله رئيس حركة حماس إسماعيل هنية، ثم خليفته يحيى السنوار الذي أحيا باستشهاده رمزية القائد المشتبك.

إن المقاومة الفلسطينية واللبنانية لا تدافع عن لبنان وفلسطين فقط، بل هي تدافع عن فقراء العالم وشعوبه في وجه مشروع السيطرة الإمبريالية على مصيره. لكن هذه الحرب لا تقوم بها إسرائيل وحدها، بل تخوضها الولايات المتحدة بشكل مباشر، وتشارك فيها الحكومات الأوروبية التابعة، تسليحاً وتمويلاً وإعلاماً.

إن المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن تدافع عن الحضارة البشرية، حيث إن الرأسمال العالمي يشيطن التكنولوجيا والعلم، ويستعملهما لتدمير هذه الحضارة، فيتعامل مع الأطفال والنساء في لبنان وفلسطين كمواد اختبار للتكنولوجيا العسكرية المجرمة، إنها “هيروشيما” بنسختها الأكثر إجراماً وبربرية.
وبما أن الجريمة الأساس هي قرار إنشاء الدولة الصهيونية، والمشروع هو سيطرة الإمبريالية على المنطقة، لا خيار أمامنا جميعاً إلا مواجهة هذا المشروع بشعار واضح واحد: نعم لتوحيد فلسطين دولة وطنية موحّدة على كامل ترابها.
المصدر: جريدة الاخبار