أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الجمعه ٢٠/٠٩/٢٠٢٤

 

أبرز ما تناولته الصحف اليوم

كتبت النهار

ما لم تفرخ أيام أخرى من المذبحة الأشد "تحديثاً" في تاريخ اصطياد الأهداف البشرية التي ابتدعتها إسرائيل عبر حربها الاختراقية على بنية اتصالات "حزب الله"، سيدخل 17 و18 أيلول 2024 التاريخ من أوسع أبوابه، أسوة بل أكثر بتاريخ 4 آب 2020 في مرفأ بيروت وتاريخ 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأميركية. لعل هوليوود وحدها، في عقلها الإبداعي الخيالي، سبقت إسرائيل في سرديات أفلام الخيال العلمي الى تصوّر مذابح جماعية تتساقط فيها الأجساد بالألوف في عراء الشوارع وداخل المنازل من جراء الحروب الوبائية وإطلاق الفيروسات المتوحشة ملتهمة أجساد الناس. أو لعل إسرائيل التي تفهم أعداءها وحلفاءها تكراراً عبر أشرس الوسائل إطلاقاً التي تستعرض عبرها تفوّقها التكنولوجي في العالم بأسره، أرادت من حيث تخطط أو لا تخطط لهجماتها المرعبة هذه، أن تذكّر الشرق الأوسط برمّته بأنها كما تحتكر وحدها ترسانة السلاح النووي بإمكانها إعادة الشرق الأوسط إلى ظلامية التخلف وإسقاط كل التحديث الهائل في امتلاك الاتصالات المتطورة

فقط "الحمام الزاجل" يمكنه أن يشكل البديل للهروب من رعب هذا الذي شهدته معظم المناطق اللبنانية في الهجوم الاختراقي على كل وسيلة اتصال أو وسيلة مناداة يمتلكها جمهور "حزب الله" في بيئته العميقة المدنية. والحال أنها سابقة السوابق إطلاقاً أن يشاهد العالم ويشهد على مذبحة موصوفة وإن كانت النسبة الساحقة من ضحاياها جرحى لا قتلى، بما يوازي مدينة كاملة من الضحايا قد تقدّر بما بين ثمانية آلاف الى عشرة آلاف شخص. "اعتاد" العالم على آلاف مؤلفة من ضحايا وشهداء ومفقودين ومطمورين تحت الركام والخراب الأسطوري الذي صار عنوان غزة من سنة حتى الساعة. ذاك الاجتياح الدموي بالأسلحة "التقليدية" لم يعد يثير رفة جفن رغم أن ضحاياه وشهداءه فاقوا الـ45 ألفاً، ومشهاد سحق المدينة والقطاع ومدائن القطاع كافة تتفوق تفوقاً هائلاً على كل ما أنتجته هوليوود نفسها مثلاً عن فظائع الحرب العالمية الثانية. مفاد العبرة في تكرار هذه اللازمة في الربط بين "إبداعات" الإجرام الحقيقي الذي يستهدف البشر – الأعداء بمعزل عن أيّ خشية من ضبط أو ردع أو عقاب أممي ودولي وعالمي، هو أن ما خلفه الهجوم الإسرائيلي قبل أيام صار أيضاً في مصاف المجازر ضد الإنسانية التي لا يبرّرها كون الضحايا من أعتى أعداء إسرائيل المقاتلين أو المدنيين، أي "حزب الله". فمشهد تعاقب سقوط الناس في السوبرماركات والمتاجر وفي المنازل وعلى الطرق، يضيء بطبيعة الحال على الحلقات المختلطة بين أمنية وعسكرية واجتماعية "وعادية" لدى بيئة "حزب الله"، لكن هؤلاء يستهدفون في عمق مدني، ومعظم الإصابات وأماكن إصاباتهم سقطوا ويسقطون في أماكن عامة أيضاً بما يجعل الخطر على مستوى كل الناس حين تطلق موجات التفجير بهذا النمط المرعب.

عرف لبنان الكثير الكثير من أنماط الهمجية إن على أيدي محتلين وأوصياء وغرباء تعاقبوا عبر تاريخه المعقد، وإن على أيدي أبنائه أنفسهم في جاهليات الوقائع الأهلية والتحارب الذاتي. ولذا لا يمكن التردّد إطلاقاً في توصيف طبيعة هذا الهجوم الإسرائيلي، بمعزل عن أي سيناريو لحرب كبيرة صارت على الباب وأوشكت على الانفجار الكبير، بأنه أسوأ من المجازر الجماعية نفسها نظراً الى التفنّن في الوحشية التي تستهدف فقء العيون وبتر الأيدي وتشويه الوجوه وبقر البطون، وما الى ذلك من عبث وحشي.