رائحة ملفّ النفايات فاحت من جديد… أين أصبحت خطة وزارة البيئة؟


 اشتعل مطمر “الجديدة” مجدّداً، وفاحت معه رائحة ملف #مكبّات #النفايات العشوائية في البلد. صحيح أن الضباب الذي تكوّن بفعل الدخان المنبعث أغلق أنوف المواطنين، لكنه فتح العيون حول ضبابية المعالجة لملف شبه مطمور. #وزارة البيئة المعنيّة بالقضية كانت قد وضعت خطة”متكاملة” لحلّ هذه الأزمة، فأين أصبحت؟

في حديث مع وزير البيئة #ناصر ياسين لـ”النهار”، أضاء على الجهود التي يبذلها لتنفيذ خطة “الإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة”، والتي تستند إلى القانون رقم 80 الصادر في عام 2018. وأوضح بأن القانون، الذي يهدف إلى تحسين إدارة النفايات في لبنان، لم يتمّ تطبيقه بشكل كامل في السابق. الوزير ياسين أكّد أنه منذ تولّيه منصب وزير البيئة، عمل على تنفيذ القانون وأشرف على وضع استراتيجية وطنية لإدارة النفايات الصلبة. “تأخّر إصدار هذه الاستراتيجية نتيجة للظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، ولكن تم الانتهاء منها وسيتم إصدارها بمرسوم قريبًا”.

تتركز أبرز بنود الاستراتيجية -حسب الوزير- على الحلول اللامركزية والمحليّة. فبدلاً من إدارة النفايات بشكل مركزيّ، قسّم لبنان إلى 17 منطقة خدميّة، حيث سيتم إدارة متكاملة للنفايات في كل منطقة، تشمل مراحل الفرز من المصدر، المعالجة، والطمر. وشدّد على أن هذا النظام الجديد يعتمد على مبدأ اللامركزية، مشيراً إلى دراسة إنشاء مطامر مناطقيّة بدلاً من المطامر المركزية المعمول بها حالياً.




بدأ تنفيذ هذا النظام في مناطق مثل البقاع، زحلة، البقاع الغربي، بعلبك، عكار، البترون، جبيل وكسروان. ويتم العمل حاليًا على تأهيل معامل الفرز والمعالجة التي تضرّرت أو توقفت عن العمل منذ عام 2019، بما في ذلك معمل الكرنتينا، الذي يخدم بيروت والمتن وكسروان، والذي تضرّر بفعل انفجار #مرفأ بيروت.

من النقاط الأساسية في خطة الوزارة -وفقاً للوزير ياسين- هي تعزيز الفرز من المصدر، ودعم مراكز جمع المفروزات، بالتعاون مع القطاع الخاص والجمعيات الأهلية. كما تعمل الوزارة على توحيد إدارة القطاع عبر إنشاء “الهيئة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة”، والتي ستشكّل مرجعيّة واحدة لتنظيم وتنفيذ كلّ ما يتعلّق بإدارة النفايات، ممّا يحدّ من التشتّت الحالي في هذا المجال.

أما في ما يتعلّق بالتحديات التي تواجه عمل الوزارة، فيوضح ياسين بأن أبرز التحديات هي تلك المرتبطة بالمناطق الكبرى مثل بيروت والمتن، حيث تواجه هذه المناطق صعوبة في إيجاد مواقع مناسبة للطمر بسبب كثافة السكان. وأشار الوزير إلى أن هناك حوارات مستمرة مع البلديات والقوى السياسية في هذه المناطق لإيجاد حلول، مشدداً على أن الحلول بحاجة إلى تشاركيّة كبيرة وأن الأمر سيستغرق وقتًا ومفاوضات.

عن مصادر التمويل، لفت الوزير ياسين إلى أن هناك ثلاثة مصادر لتمويل خطة إدارة النفايات. الأول هو التمويل الخارجيّ، الذي يأتي من الهبات الدولية؛ المصدر الثاني هو خزينة الدولة، التي يسعى من خلال الوزارة إلى اعتماد مخصصات ضمن موازنة عام 2025.



أما مصدر التمويل الثالث، الذي تتمّ مناقشته في مجلس النواب منذ نحو سنة ونصف، فهو تعديل قانون يتعلق بـ”نظام استرداد الكلفة”. هذا النظام يقوم على فرض رسوم مقابل خدمات جمع، نقل، ومعالجة النفايات، تُحدّد بناءً على الأحجام والأوزان. ويتطلّب صدور قانون لتطبيقه. بمجرّد تطبيق هذا النظام، ستتمكن البلديات من استيفاء رسوم رمزية لجمع ومعالجة النفايات من المواطنين، إذ يتوقع أن تكون هذه الرسوم بحدود 200 ألف ليرة شهريًا لكلّ أسرة. الهدف من هذه الرسوم هو مساعدة البلديات على تنظيم أمورها وتوفير التمويل اللازم لتحسين إدارة النفايات على المستوى المحلي.

الحلول الموقتة لن تفي بالغرض بعد الآن، والحاجة ماسّة إلى اعتماد استراتيجيات مستدامة وشاملة، تعرفها وزارة البيئة جيداً… ومن دون تدخّلات جادة وسريعة، ستظلّ هذه الأزمة تهدّد صحة المواطنين وبيئتهم، وستزيد من الضغط على البلد المنهك.