عجبت لك يا زمن، كيف تتغير فيه القيم وتتبدل فيه الموازين. أين الوفاء في هذه الأيام؟



عجبت لك يا زمن، كيف تتغير فيه القيم وتتبدل فيه الموازين. أين الوفاء في هذه الأيام؟ 

كيف يمكن أن ننسى أولئك الذين تركوا بصمة لا تمحى في مسيرتنا؟ هو يوسف حنا الحويك، الرجل الذي وقف شامخًا في زمن الأقزام، رجل رفع لواء الصحافة والإعلام عالياً وكان مثالاً للإخلاص والتفاني في عمله. في عام 2017، أطلق اسمه على القاعة الرئيسية لنادي الصحافة، كما أُطلقت جائزة باسمه تقديراً لإنجازاته وإسهاماته التي لا تُحصى. ولكن، للأسف، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.


في الرابع من آب 2019، أقيم آخر قداس عن روحه الطاهرة في كنيسة مار اسطفان البترون. كانت تلك المناسبة تجمع فيها المحبون والأصدقاء، الذين جاؤوا ليترحموا عليه ويستذكروا إنجازاته. ولكن، اليوم، في ذكرى رحيله، يمر الوقت ولا نجد حتى كلمة عنه عبر كل منصات وشبكات ومواقع التواصل الاجتماعي. هل أصبح الوفاء مجرد كلمة فارغة نتداولها دون أن نلتزم بها في أفعالنا؟ أين الوفاء للزملاء؟ أين الوفاء للمبدعين الذين قدموا حياتهم لخدمة الصحافة والإعلام؟


لطالما كان يوسف حنا الحويك أحد أعمدة نادي الصحافة، هو الذي أسسه وترأسه لأكثر من عقدين من الزمن. كان نبض النادي وروحه، والمدير التنفيذي الذي قاد هذه المؤسسة في أصعب الظروف. كيف لنادي الصحافة أن ينسى رجلاً كهذا؟ كيف لم يتذكروا اسمه وصورته التي لا تزال تزين القاعة الرئيسية؟ كيف لم تنادهم القاعة نفسها لتذكرهم بالروح التي أعطتها الحياة؟ ألم يكن الأجدر بهم أن يحيوا ذكراه، أن ينظموا مناسبة، ولو بسيطة، لتكريم من أعطاهم كل شيء؟


صحيح أن الوفاء لا يُقاس بالذكريات وحدها، ولكنه يبقى جزءًا مهمًا من إنسانيتنا. تذكروا مبدعينا ولو مرة واحدة في السنة. تذكروا يوسف حنا الحويك بكلمة، بدعاء، بإحياء قداس أو صلاة. دعونا نعيد إحياء جائزة يوسف الحويك، لتبقى في ذاكرة الأجيال القادمة، ولتبقى ذكراه حية نابضة في قلوبنا وعقولنا.


يوسف حنا الحويك ليس مجرد اسم، بل هو رمز من رموز الصحافة في لبنان. هو الذي وقف في وجه التحديات، الذي ناضل من أجل حرية الكلمة واستقلالية الإعلام. أن ننسى شخصًا كهذا يعني أننا ننسى جزءًا من تاريخنا، من هويتنا. نحن مدينون له بالكثير، ولذا، يجب أن نحرص على أن تبقى ذكراه خالدة في وجداننا. ليس من العدل أن تمر السنوات دون أن نتوقف للحظة ونستذكر من كانوا يوماً جزءاً من حياتنا، من مسيرتنا، من نجاحاتنا.


الوفاء ليس مجرد شعور، إنه التزام دائم تجاه من أعطونا جزءًا من حياتهم. فلنكن أوفياء لمن كانوا أوفياء لنا، ولنُحيِ ذكراهم في قلوبنا وعقولنا، ولنحافظ على إرثهم حتى يبقى مشعل الصحافة مضيئاً كما أرادوه.

د.جيلبير المجبر