العنف جنوبا.. دماء ما قبل التسوية؟


 عادت وتيرة المعارك عند الحدود اللبنانية – الإسرائيلية إلى الارتفاع، مع ملاحظة أن الجيش الإسرائيلي عاود حربه الأمنية باستهداف القيادات الميدانية البارزة في حزب الله. وهو كان اغتال، الأربعاء، قائد وحدة "عزيز" محمد نعمة ناصر باستهداف سيارته في منطقة الحوش في صور، لينضم إلى قياديين كانت إسرائيل قد اغتالتهما في وقت سابق.

يأتي هذا التصعيد في وقت تعود الحيوية إلى الوساطات الدولية من أجل منع الانزلاق إلى الحرب الشاملة بين لبنان واسرائيل، من لقاءات المستشار الرئاسي الأميركي آموس هوكستين بمسؤولين فرنسيين في باريس من بينهم الموفد الرئاسي جان -إيف لودريان، وقبله النشاط الألماني اللافت على المستوى جهاز المخابرات الخارجية، وفي ضوء ما هو مُرتقب من استعادة للتحرك القطري الديبلوماسي والأمني، في انتظار أن يستأنف سفراء المجموعة الخماسية اجتماعاتهم بدءا من الأسبوع المقبل.

ولا ريب أن التنسيق الأميركي – الفرنسي بلغ مستوى متقدما في الفترة الأخيرة ترجمة لما توصّل إليه الرئيسان إيمانويل ماكرون وجو بايدن في القمة التي جمعتهما في أيار الفائت، لجهة الاتفاق على وضع "آلية تنسيق وثيقة بخصوص المناقشات الجارية مع إسرائيل من جهة، ومع لبنان وجميع الأطراف المعنية من الجهة الأخرى"، مع التشديد على "الأهمية القصوى للحفاظ على الاستقرار في لبنان، والحدّ من التوترات على طول الخط الأزرق"، والعمل المشترك "لتحقيق هذه الغاية"، ودعوتهما "جميع الأطراف إلى التحلّي بأقصى درجات ضبط النفس والمسؤولية، امتثالاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701".

وكانت اسرائيل قد تحفّظت على مسألة آلية التنسيق ورفضت في حينه الأفكار الفرنسية التي جال بها وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه بين بيروت وتل أبيب نهاية نيسان الفائت.

وتاليا يُقرأ التنسيق الحاصل راهنا بين باريس وواشنطن إعادة الإعتبار إلى الأفكار الفرنسية في مواجهة الرفض الإسرائيلي.

في الموازاة، ثمة من يقرأ التصعيد العسكري جنوبا في سياق تجميع الأوراق من جانب مختلف الأطراف المعنية، وخصوصا إسرائيل وإيران، انطلاقا من أن الاقتراب من نضوج التسوية يستجلب حكما مزيدا من الشدّ والجذب العسكريين بما يعزّز اوراق التفاوض لدى الجهات المعنية.

وليست صدفة أن تزيد الحماوة العسكرية مع الأخبار عن إمكان أن تنجح كل من واشنطن والقاهرة والدوحة في إنضاج اتفاق لوقف النار في غزة، في ضوء ما بدا من تفاعل إيجابي، وإن حذر، من جانب كل من حركة حماس والحكومة الإسرائيلية مع المقترحات الجديدة والمداولات الجارية بين العواصم المعنية.