| رشيد الحداد |
دخلت منطقة البحر الأحمر مرحلة تصعيد كبير، بعد العدوان الجوي الليلي الذي نفّذته طائرات أميركية وبريطانية على عدد من المحافظات اليمنية، وأوقع 16 شهيداً و42 جريحاً. وجاء الرد اليمني سريعاً من خلال قصف حاملة الطائرات الأميركية «آيزنهاور» في البحر الأحمر، بالصواريخ الباليستية والمجنّحة. وأكد الناطق باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، في بيان أمس، أن «العدوان الأميركي – البريطاني شن عدداً من الغارات على العاصمة ومحافظات صنعاء والحديدة وتعز، شملت أربع غارات على العاصمة أدت إلى وقوع جريح واحد، وغارتين على محافظة صنعاء، وغارة على منطقة حيفان في تعز، و6 غارات على محافظة الحديدة استهدفت إحداها ميناء الصليف، وأخرى مبنى الإذاعة، واثنتان معسكر غليفقة، واثنتان منزلَي علي محسن الأحمر وعلي عبد الله صالح».
وأوضح أن «الغارات على الحديدة أوقعت 16 شهيداً و41 جريحاً، منهم شهداء وجرحى من المدنيين في الغارات التي استهدفت مواقع مدنية كمبنى إذاعة الحديدة أمام مستشفى الثورة، وخفر السواحل في ميناء الصليف، ليبلغ إجمالي الشهداء والجرحى من المدنيين والعسكريين 58»، مضيفاً أن «الغارات أدت إلى تضرّر مبنى إذاعة الحديدة، وكذلك مبنى خفر السواحل في ميناء الصليف، وعدد من السفن التجارية فيه». ورأى سريع أن «هذا يمثّل استهدافاً واضحاً للأعيان المدنية وانتهاكاً سافراً لكل القوانين الدولية وجريمة حرب مكتملة الأركان»
وأعلن سريع أنه «رداً على هذه الجرائم، وفي إطار الرد على العدوان الأميركي – البريطاني، واستمراراً في الانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني، نفّذت القوة الصاروخية والقوة البحرية في القوات المسلّحة اليمنية عملية عسكرية مشتركة استهدفت حاملة الطائرات الأميركية آيزنهاور في البحر الأحمر، بعدد من الصواريخ المجنّحة والباليستية، وكانت الإصابة دقيقة ومباشرة»، فيما أقرّ مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية باستهداف حاملة الطائرات.
وكان القيادي في «حركة أنصار الله»، محمد البخيتي، قد أكد، في منشور على «إكس»، أن «العدوان الأميركي – البريطاني لن يثنينا عن مواصلة عملياتنا العسكرية المساندة لفلسطين وسنقابل التصعيد بالتصعيد»، مضيفاً أن «استهداف المرافق المدنية كالإذاعة والموانئ والاتصالات لن يكسر إرادة الشعب اليمني، بل يزيده ثباتاً وصلابة».
وأوضحت مصادر أمنية في صنعاء، بدورها، لـ«الأخبار»، أن الغارات على العاصمة ومحافظة صنعاء توزّعت على منطقة النهدين في مديرية السبعين في الوسط، بواقع ثلاث غارات، ومحيط مطار صنعاء الدولي بغارة واحدة، ومنطقة جربان في مديرية سنحان في الجنوب بغارتين. وفي تعز، أدى الهجوم الجوي، بحسب المصادر، إلى تدمير شبكة اتصالات في منطقة الأعبوس في مديرية حيفان. في المقابل، أكد الجيشان الأميركي والبريطاني شنّ الغارات في إطار ما وصفاه بـ«ردع الحوثيين» عن مواصلة استهداف الملاحة في البحر الأحمر.
وقالت «القيادة المركزية الأميركية»، في بيان، إن القوات الأميركية والبريطانية شنّت ضربات على 13 هدفاً في مناطق تسيطر عليها «أنصار الله»، فيما ذكرت وزارة الدفاع البريطانية أن «العملية المشتركة استهدفت ثلاثة مواقع في الحديدة كان يوجد فيها طائرات مسيّرة وأسلحة سطح – جو». وادّعت أن تنفيذ الضربات خلال ساعات الليل من المفترض أن «يخفّف بشكل أكبر من مخاطر» وقوع إصابات بين المدنيين.
وفي حين سارعت قناة «الحدث» السعودية إلى الاحتفاء بالقصف، وتبنّت المزاعم الأميركية عن استهداف منصّات صواريخ ومسيّرات ومخازن أسلحة، سخر مصدر عسكري في صنعاء، في حديث إلى «الأخبار»، من تلك المزاعم، مؤكداً أن «الغارات الأخيرة كالعادة عشوائية ولم تحقق أي أهداف عسكرية».
وتزامن التصعيد الأميركي والبريطاني الجديد، مع إعلان مهمة «أسبيدس» البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، انضمام مدمّرة فرنسية إلى أسطولها الحربي في البحر الأحمر وخليج عدن، المكلّف بحماية السفن الإسرائيلية والمرتبطة بالكيان والمتجهة إلى موانئه من هجمات قوات صنعاء.
وقالت المهمة الأوروبية، في منشور على «إكس»، إن «المدمّرة الفرنسية (التي لم تحدّد اسمها)، باشرت مهمتها الحيوية المتمثلة في توفير الحماية المباشرة داخل منطقة العمليات». ويأتي ذلك في ظلّ تصاعد هجمات قوات صنعاء على السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، في البحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي، وأخيراً في البحر الأبيض المتوسط.
وتحقق صنعاء في مواقع انطلاق الطائرات الأميركية والبريطانية التي نفّذت العدوان، حيث تفيد بيانات ملاحية بأن طائرات أميركية مخصّصة للاستطلاع، وأخرى خاصة بتزويد الطيران الحربي بالوقود، انطلقت من قاعدة «العديد» في قطر، وأن طائرة «بينغ آر أس – 135» التابعة للقوات الجوية البريطانية شاركت في عمليات الاستهداف الأخيرة، وقدمت الإسناد للطيران الأميركي والبريطاني خلال الغارات.
وكان موقع «المونتيور» قد كشف عن حراك أميركي تجاه الرياض، يستهدف إنشاء تحالفات خاصة بالدفاع الجوي والبحري بين واشنطن وعدد من عواصم الخليج، لافتاً إلى أن السعودية استضافت، الأسبوع الماضي، اجتماعاً عسكرياً رفيع المستوى بين كبار مسؤولي البنتاغون وقادة عسكريين سعوديين وخليجيين لتوسيع تلك التحالفات. وبحسب الموقع، فقد ترأّس الاجتماع كبير مسؤولي سياسة الشرق الأوسط في البنتاغون، دان شابيرو، فيما شارك فيه مسؤولون من «القيادة المركزية الأميركية» وهيئة الأركان الأميركية المشتركة.