واشنطن قد تقبل بهجومٍ كامل على رفح!

 

بدت الإدارة الأميركية وكأنها متناقضة في سياستها تجاه قطاع غزة والحملة التي تشنّها إسرائيل في.

فقد أكد مسؤولون في الإدارة وفي الكونغرس الأميركي، اليوم الجمعة، أن الولايات المتحدة سترسل إلى إسرائيل أسلحة تتجاوز قيمتها المليار دولار، وهي من أنواع مختلفة.

تحدثت "العربية" إلى مصادرها في الإدارة الأميركية، وقد أبدى المتحدثون حرصاً على فصل الملفات بالتأكيد على أن الرئيس الأميركي جو بايدن يريد القول إن الولايات المتحدة حريصة على أمن إسرائيل، وإرسال المساعدات يجب أن يأتي في هذا السياق.

قضية الهجوم الإسرائيلي على رفح برأي الإدارة الأميركية مسألة منفصلة، وقد وافق مسؤول في الإدارة لدى سؤاله من قبل "العربية" عن الهجوم الإسرائيلي عند حدود غزة مع مصر، على أن الأرجح أن يكون الهدف الإسرائيلي هو إعادة احتلال الشريط الفلسطيني الكامل جنوب رفح، بحيث تحاصر القوات الإسرائيلية حماس والقوات التابعة لها في هذه المنطقة وتبدأ حصاراً لها.

يمتنع المسؤولون الأميركيون عن التحدّث في التفاصيل لدى مناقشة عملية عسكرية للقوات الإسرائيلية، خصوصاً لدى التحدّث عن الوقت، فالتقديرات المتوفّرة من مصادر غير حكومية تتراوح بين أسابيع وأشهر، والمسؤولون الأميركيون يجيبون بالقول "ليس لدينا توقيت ولا نريد الخوض في التوقيت"، بحسب أحد المتحدّثين.

مسؤول أميركي تحدّث إلى "العربية" أشار إلى أن الإسرائيليين كانوا يتحدثون منذ أسابيع عن عملية واسعة، وقالوا إنهم أعدّوا آلافاً من الجنود لشنّ الهجوم، أو أن لديهم وقتاً محدداً للهجوم، ولاحظ أنهم تراجعوا عن هذه الإنذارات، "وأن الضغوط التي قاموا بها كانت ترافق مفاوضات إطلاق سراح الرهائن"، وشدّد على أن الولايات المتحدة جدّية في تحذيراتها للإسرائيليين.

أوضح المسؤول الأميركي أن الولايات المتحدة طرحت على إسرائيل أن تأخذ بعين الاعتبار المعادلة التالية: "العملية العسكرية الكاسحة أو العمليات الدقيقة؟".

وتابع، لدى حديثه مع "العربية"، "إن الولايات المتحدة اشترطت أن تأخذ إسرائيل بعين الاعتبار الأمور الإنسانية، خصوصاً سقوط ضحايا في الهجوم، وأن يكون لدى إسرائيل خطة واضحة وقابلة للتنفيذ".

يشعر الأميركيون بغضب خاص من أن الإسرائيليين كانوا على استعداد لشنّ هجوم واسع على منطقة لجأ إليها المدنيون الفلسطينيون بعدما طلبت منهم إسرائيل ذلك، لكن أنباء متكررة تواترت خلال الأيام الماضية عن خروج أكثر من 600 ألف فلسطيني من هذه المنطقة، خصوصاً منذ بدأت القوات الإسرائيلية تقدّمها عند منطقة معبر رفح، وقد أكد أحد المتحدثين الأميركيين لدى سؤاله من قبل "العربية" أن هذه التحركات تتناسب مع مطلب الإدارة الأميركية بعدم شنّ هجوم يتسبب بمقتل المدنيين الأبرياء "وهم يتحركون باتجاه الشمال الغربي من هذه البقعة" كما قال.

هناك حرج كبير لدى المسؤولين والمتحدثين الأميركييين لدى سؤالهم أسئلة افتراضية لكنهم، ولدى سؤالهم عما يحدث خلال أسابيع، وبعد إفراغ منطقة رفح من المدنيين، أشاروا إلى أن إلادارة الأميركية ستقبل بهجوم إسرائيلي كامل يستهدف تصفية حماس في هذه المنطقة، وربما يقضي أيضاً على قيادتها.

يعتبر الأميركيون أن إسرائيل تلبّي مطالبات الرئيس الأميركي جو بايدن وإن بعد إلحاح، فهي خفضت من حدة حملتها العسكرية في قطاع غزة منذ أكثر من شهرين، وأرقام القتلى والضحايا من الفلسطينيين كانت تصل إلى المئات أو الآلاف يومياً، تراجعت إلى عمليات أكثر دقة، كما أن الأميركيين اعتبروا أن حكومة بنيامين نتنياهو تجاوبت مع مطالب فتح المعابر وإدخال المساعدات، ولدى الأميركيين الآن مرفأ بحري مؤقّت يدخلون من خلاله المساعدات إلى منطقة شمال القطاع.

تشير أغلب التوقعات في العاصمة الأميركية إلى أن "معركة رفح ستكون إعادة لما حدث في الموصل"، ويقصد الأميركيون، خصوصاً العسكريين منهم، أن إسرائيل ستتبع نموذج إخلاء السكان وعزل المسلحين، وهذا ما فعله الأميركيون بعناصر داعش في الموصل، وقد استمرت المعركة أكثر من تسعة أشهر، وانتهت في شهر تموز 2017.

لا أحد في العاصمة الأميركية يريد التحدّث عن رفح أكثر من ذلك، لكن من الواضح أن الأميركيين تابعوا خلال الأسابيع الماضية العمل على مسارات عديدة، أولاً تحذير الحكومة الإسرائيلية من حملة عشوائية في رفح، ثانياً العمل على إيصال المساعدات مباشرة إلى الفلسطينيين عبر المرفأ المؤقت الذي تبنيه القوات الأميركية، وثالثاً متابعة القيام بعمليات الاستطلاع المتنوعة لرصد حماس وتحركاتها ومحاولة كشف مكان الرهائن.

ويوافق الأميركيون أن هناك أكثر من أربعة كتائب مقاتلة لحركة حماس في منطقة رفح، ويعتبرون أن حجّة إسرائيل هي ضرورة القضاء على هذه المجموعات المسلحة وفي المقابل "نستطيع أن نرى ما يحدث على الأرض ونستطيع أن نقول للإسرائيليين من خلال القنوات الخاصة ما نريد قوله"، بحسب مسؤول في الإدارة الأميركية، وأشار إلى أن للولايات المتحدة والقيادة السياسية آلية للتحذير وفرض إجراءات عندما لا تكون واشنطن راضية عن التصرفات الإسرائيلية.