أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الأربعاء ١٧/٠٤/٢٠٢٤

 

أبرز ما تناولته الصحف اليوم




كتبت النهار



مشكلة اللاجئين السوريين: مجدداً الى الواجهة. وكأن في المسألة أداة تعيد تحريك هذه القضية بين فترة زمنية وأخرى. والأخطر، أن هذه الأداة تستعمل كل الوسائل المباحة، من تعدد لجرائم القتل والسرقة في مختلف المناطق اللبنانية. من الأشرفية، مروراً بجبيل وأخيراً في بلدة العزونية. المشاهد تتكرر وقد لا تكون الأخيرة.



أمام هذه المشهدية، لفتت محاولة رمي المسؤولية أو طريقة المعالجة على البلديات من جديد، إذ أعاد اللقاء التشاوري الوزاري الذي عُقد أمس في السرايا، التذكير بالقرارات أو التوصيات التي كانت الحكومة قد اتخذتها في هذا المجال، وبالتعاميم التي توجهها وزارة الداخلية الى البلديات والقائمقاميات للتصدي لهذه المشكلة. فهل ملفّ بهذا الحجم وهذا التراكم الزمني، يعالج بتدابير مماثلة؟!



لا يزال لبنان يعاني معضلة اللاجئين وعدم تنظيم وجودهم منذ فترات زمنية طويلة تلت بدء الحرب السورية. وطوال كل هذه الأعوام، شهد هذا الملف تخبّطاً لبنانياً واضحاً وتعدداً في المواقف الرسمية، الى حدّ تعدّد المواقف وعدم وضع رؤية رسمية محددة. انعكس هذا التخبّط مشكلة في اللجان اللبنانية التي تشكلت وفي الزيارات التي كان منويّاً القيام بها لسوريا، لمعالجة الملف بين البلدين.



وعلى الرغم من وجود مناطق آمنة في سوريا، لم تنخفض أعداد اللاجئين الى لبنان، الى حدّ العشوائية غير المسبوقة في التعداد والإحصاء. لا بل بات اللاجئ يذهب الى سوريا ومن ثم يعود الى لبنان، لمواصلة عمله. وهذا أكبر دليل على ضرورة إسقاط صفة اللاجئ عنه، ما دام يستطيع دخول بلده والخروج منه. فلا العائق الأمني عاد موجوداً، ولا صفة اللجوء مبرّرة.



أمام كل ذلك، أين الموقف الرسمي اللبناني الآن، بعد كل الحوادث التي حصلت وتحصل؟ والأهم ماذا سيفعل لبنان الرسمي في وجه التصميم الأوروبي، وتحديداً الفرنسي - الألماني على عدم تأمين عودة اللاجئين الى بلادهم؟



إصرار ورزمة حلول



تلفت أوساط وزارية معنية لـ"النهار" الى أن "لبنان الرسمي يواصل اتصالاته مع الجانب الأوروبي للتأكيد أن لبنان لم يعد يحتمل كرة النار هذه"، وتعتبر الأوساط أن "مؤتمر بروكسل سيكون فرصة إيجابية للبنان للتشديد على هذا الموقف".



من المعلوم أنه في نهاية شهر أيار المقبل، سيُعقد مؤتمر اللاجئين في بروكسل للبحث في أزمة اللجوء، وسيشارك فيه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب.



في نظر الأوساط، إن "موقف لبنان الآن سيكون أقوى من ذي قبل، ولا سيما أن الحكومة اتخذت تدابير صارمة محلية، وبات أمام المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته أيضاً".



وعلى الرغم من أن موقف الاتحاد الأوروبي لا يزال، حتى اللحظة، غير داعم لعودة اللاجئين، بحجة أنه ليس في سوريا مناطق آمنة لهم، تتكثّف الاتصالات الرسمية اللبنانية في الآونة الاخيرة، لإثبات العكس، والأهم للتأكيد أن المجتمع اللبناني غير قادر على استيعاب اللاجئين أكثر.



وتشير الأوساط الى أن "التركيز اللبناني الرسمي سيكون على تعداد المناطق التي تُعدّ آمنة في سوريا، في محاولة لإقناع الاتحاد الأوروبي بتبديل موقفه. هذه هي نقطة التركيز الرسمي اللبناني الآن".



وأمام هذا الإصرار، تعدّد الأوساط رزمة من الحلول يتم التشديد عليها في الوقت الراهن.



"أولاً، تميّز المصادر بين اللاجئ الشرعي وغير الشرعي والسجناء. وفي الحالة الأخيرة، لا بد من ترحيل السجناء أولاً الى بلادهم.



ثانياً، في التصنيف بين اللاجئ الشرعي وغير الشرعي، ثمة دور للبلديات في تنظيم هذا اللجوء والتأكد من كل الأوراق القانونية اللازمة، على أن يتم ترحيل من ليس قانونياً.



ثالثاً، ثمة مسؤولية على المواطن اللبناني بعدم استسهال تشغيل السوريين أو إيوائهم تحت حجج مالية وغيرها".



وفق رزمة الحلول هذه، ترى الأوساط الرسمية أن "الحكومة تقوم بواجبها أو بما يلزم تجاه قنبلة اللاجئين، وكل الوزارات المعنية، وفي مقدمها وزارتا العمل والداخلية، تقوم بكل الإجراءات الضرورية والملحّة"، وهي لا تخفي تعويلها على "مؤتمر بروكسل كإحدى المحطات القريبة والمهمة في محاولة لإقناع المجتمع الدولي، وتحديداً دول أوروبا، بتبديل موقفها من ملف اللاجئين في لبنان".



من يتولى التصنيف؟



هذه وجهة النظر الرسمية. لكن للتصنيف إشكالية أخرى. في الأساس، ماذا يفيد إذا صُنّف اللاجئ بين "عامل" أو "داخل خلسة" أو "لاجئ شرعي"؟



ينطلق الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين من معادلة تقول إن كل "ما يجري اليوم مضيعة للوقت أو فقّاعة لا تؤدي الى الحلول اللازمة والجذرية لمشكلة اللاجئين".



هو يرفض عبر "النهار"، "رمي المسؤولية على البلديات"، قائلاً: "التصنيف الحالي لا يقدم ولا يؤخر. نذكر أنه قبل عام تقريباً، قامت همروجة مماثلة على اللاجئين، وسارعت الحكومة الى اتخاذ تدابير وإصدار تعاميم للبلديات، ولكن ماذا كانت النتيجة: لا شيء، بل مزيد من الفوضى. إن المعالجة اللبنانية للملف خاطئة، والتصنيف أيضاً خاطئ".



يشرح: "أولاً، على صعيد المعالجة لا بد من قرار سياسي رسمي يعالج الموضوع من أساسه. وحتى اللحظة، ثمة غياب لهذا القرار. ثانياً، على صعيد التصنيف، ينبغي اتخاذ معايير محددة له. وهي تنطلق من الحاجة الاقتصادية للعامل أو اللاجئ السوري. بمعنى، ماذا ينفع لبنان واقتصاده إن كان اللاجئ شرعياً لكنه يعمل في المطاعم؟ لا حاجة اقتصادية له بل عبء إضافي على كاهل الاقتصاد. لكن إذا كان اللاجئ غير شرعي، بل يعمل في تصليح المولدات مثلاً، فإنه في هذه الحالة، يصبح حاجة اقتصادية للبنان وليس عبئاً، وعلى صاحب العمل أو من يشغّله أن يسوّي وضعه وأوراقه. هذه هي الآلية التي يُفترض أن تُتبع حول تصنيف اللجوء والأعداد، أي وفق الحاجة الاقتصادية للبنان".



كل ما يحصل حالياً هو هروب الى الأمام، وفق شمس الدين، و"دور الوزارات أساسي، ولا سيما وزارة العمل والهيئات الاقتصادية، إن كنا بالفعل نريد الخروج من هذه الدوامة". هو يعطي "مثل أوروبا التي استقبلت أخيراً 140 ألف لاجئ، فكيف تم إدخال هؤلاء؟ ببساطة، لأن هذه الدول رأت أن ثمة حاجة اقتصادية لتشغيل هؤلاء في بلدانها. هذه هي المعايير العلمية الصحيحة التي ينبغي اعتمادها في مجال التصنيف".



وما عدا ذلك، سنبقى نشهد حوادث وانفلاتاً وردود فعل عصبية في غير مكانها، فيما الحل يبدأ بقرار لبناني جدّي وبتعاطٍ مسؤول مع الجانب السوري تجاه هذه القضية... لكن كيف السبيل لذلك، ولبنان الرسمي لا يزال بلا رأس وبلا رئيس للجمهورية منذ ما يقارب العام ونصف العام؟!