كتبت النهار
سيبقى العالم في حالة قلق وترقب لما ستقوم به إسرائيل رداً على الهجوم الإيراني الواسع عليها ليلة ١٣-١٤ نيسان. ومصدر القلق عائد الى أن إسرائيل لا تمتلك الكثير من المخارج إزاء ما حصل. فإذا ما حسبنا عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول ٢٠٢٣، والصدمة التي نتجت عنها في الداخل الإسرائيلي، إضافة الى المؤسسة الأمنية والعسكرية، يمكن اعتبار الهجوم الإيراني على إسرائيل بـ٣٣١ مسيرة وصاروخاً باليستياً وكروز اضطرت ثلاث دول كبرى هي الولايات المتحدة، بريطانيا وفرنسا لدعم جهود إسرائيل الدفاعية من أجل إسقاط ٩٩ في المئة منها قبل أن تصل الى الأراضي الإسرائيلية، بمثابة الصدمة الثانية التي حصلت من خلال تجرؤ دولة إقليمية على مهاجمة إسرائيل بهذا الشكل المباشر.
صحيح أن النتائج العملية ضعيفة، لكن الأثر المعنوي السيكولوجي والاستراتيجي على المدى الأبعد مقلق جداً لإسرائيل التي تحتاج إلى أن تسجل نقطة في مقابل النقطة التي سجّلتها إيران في حسابها. أكثر من ذلك، لا أحد يشك في تورّط إيران، أقله غير المباشر، في عملية "طوفان الأقصى"، ولا سيما أن دور طهران في التمويل، والتدريب، التجهيز، وابتكار الفكرة علناً من أجل الجبهة الشمالية، يدفع تل أبيب الى أن تتخذ إجراءات فورية وشديدة الأثر مباشرة ضد إيران أو عبر وكلائها البارزين.
هنا يأتي الحديث عن مصير الوضع في لبنان في المرحلة المنظورة. فأبرز أذرع إيران في المنطقة هو "حزب الله" المتمكن من الساحة اللبنانية التي حوّلها الى قاعدة إيرانية متقدمة على الحدود مع إسرائيل. وكلما مر يوم ولم تفعل إسرائيل ومن خلفها الغرب شيئاً لإضعاف الحالة التي يمثّلها "حزب الله" انطلاقاً من لبنان، ستتعاظم قدراته على الأرض، ويصبح من المستحيل زحزحته من مكانه، أو حتى منازلته، وخصوصاً أن إيران باتت قاب قوسين أو أدنى من امتلاك قنبلة نووية أو أكثر تحت أعين المجتمع الدولي الذي أخفق في منعها من تطوير سلاح الصواريخ الباليستية، والآن يوشك أن يفشل فشلاً ذريعاً في منعها من امتلاك السلاح النووي.
ما سبق يعني بكل بساطة أن الحرب الإسرائيلية-الإيرانية مقدَّر لها إن نشبت أن تنشب في لبنان مع "حزب الله" في الصفّ الأول. ومن هنا خطورة المرحلة المقبلة، التي تتحدث مصادر ديبلوماسية غربية في بيروت عن أنها قد تشهد انفجاراً بين القوتين الإقليميتين على الساحة اللبنانية. فإسرائيل تحتاج إلى أن توجه ضربة قاصمة لإيران خارج حدودها. ولبنان وجزء من سوريا مرشحان ليكونا ساحة المنازلة. العديد من المؤشرات تدل على أن الرد على إيران قد يحصل في لبنان. فإسرائيل باتت أمام مفترق طرق إما محاولة ليّ ذراع إيران في لبنان،أاو التعايش مع ١٠٠ ألف صاروخ وعشرات الآلاف من المقاتلين المدربين جيداً على حدودها الشمالية في انتظار "طوفان الشمال" بعد بضع سنوات. كل ذلك بعد أن تكون إيران قد صارت عضواً في نادي القوى النووية العالمية.
إنها معادلة صعبة للغاية بالنسبة الى لبنان المرشح لأن يشهد حرباً واسعة في المدى المنظور. وما دام "حزب الله" يرفض إيقاف هذه الحرب العبثية، فسيكون الخطر كبيراً هنا، في وقت يتسابق فيه المسؤولون الرسميون والسياسيون الرئيسيون للارتماء على أقدام "حزب الله"، دون إقامة أيّ اعتبار لمزاج الرأي العام اللبناني الرافض لهذا الزمن السيّئ