أبرز ما تناولته الصحف اليوم
كتبت النهار
طُويت صفحة الضربات المباشرة المتبادلة بين ايران وإسرائيل. وبالطبع لا أحد يعرف ما اذا كانت انتهت الى غير رجعة. فالمنطقة تقف على صفيح ساخن وباب المفاجآت لم يقفل، لاسيما ان حرب غزة لم تنتهِ بعد. فمن المنطقي ان يكون الرد الإسرائيلي المحدود جدا، والمنسق مع الاميركيين، نهاية المطاف بالنسبة الى المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب. لكن المواجهة غير المباشرة في ما يسمى ساحات المساندة ستستمر، من لبنان الى سوريا والعراق وصولاً الى اليمن. والآن سوف يجري الطرفان مراجعة دقيقة للخطوط الحمر بينهما في كل ساحة على حدة. وما يهمنا هنا الساحتان اللبنانية والسورية. الأولى لأنها الساحة الرئيسية للمواجهة بين "حزب الله" وإسرائيل، ولأنها أيضا تُعدّ ساحةَ سيطرةٍ صافية للنفوذ الإيراني. أما الثانية فهي الجسر الواصل بين إيران ولبنان وغزة على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. وفي سوريا التي تحولت الى ساحة لتصفية الحسابات بين القوى الاقليمية والدولية المتنافسة، سيقوم الطرفان منذ الآن بإعادة تقييم للخطوط الحمر بينهما، لاسيما انهما يحتاجان الى الساحة السورية لتنفيس الاحتقان بينهما. أما لبنان فقراره بيد طهران، وحسبما يبدو لن يتراجع الإيرانيون عن قرار تحريك الجبهة بواسطة "حزب الله" تحت شعار ما يسمى "وحدة الساحات" ومساندة غزة.
لكن يغيب عن بال الإيرانيين ان إسرائيل استغلت مسألة الرد على ايران لكي تحسن علاقاتها مع إدارة الرئيس جو بايدن، ولكي تعوّم وضعيتها مع العواصم الغربية المساندة لها أساسا بحيث انها قد تكون انتزعت موافقة على اجتياح مدينة رفح على ان يتم بشكل مختلف عما سبق لتجنب وقوع أعداد ضخمة من الضحايا بين المدنيين. كما ان إسرائيل ستجد نفسها متحررة من الكثير من القيود التي كانت تثقل مواجهتها مع "حزب الله" في الأشهر السبعة الأخيرة. هنا تبرز معلومات ديبلوماسية غربية في بيروت تشير الى ان حكومة الحرب الإسرائيلية باتت بعد طيّ صفحة المواجهة المباشرة مع ايران معنية برفع مستوى المواجهة مع "حزب الله" الى حدود بعيدة، وخصوصا ان تقديرات المستوى الاستخباري الإسرائيلي تتقاطع على اعتبار انه من اجل تهدئة الجبهة مع "حزب الله" يجب تصعيد المواجهة أكثر وإقناع الحزب المذكور ومعه الحكومة اللبنانية بان الثمن بات باهظاً الى درجة لا يمكن احتمالها، ليس على مستوى قدرة تحمّل الحزب، وانما بالنسبة الى قدرة تحمّل المجتمع اللبناني التعددي الذي يعارض بشدة تفرّد "حزب الله" بالتورط في حرب مع إسرائيل، وتاليا توريط لبنان بأسره والمقامرة بمصير البلاد بأسرها
ولا بد من الإشارة الى ان زيارة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى باريس ولقاءه مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يأتي في سياق محاولة الدول الصديقة لحضّ الحكومة، وبالأخص رئيسها المتواطئ مع "حزب الله"، على رسم حدّ فاصل بين الدولة اللبنانية و"حزب الله" وسلاحه غير الشرعي ووظيفته الاقليمية الإيرانية التوجه. فلا يمكن تأمين حماية لبنان من تداعيات هذه الحرب المفروضة على أكثرية ساحقة ترفضها رفضاً حاسماً، اذا ما تعنّت الحزب المذكور برفضه الإذعان لإرادة الأكثرية. وخطورة الموقف نابعة من معلومات تشير الى ان إسرائيل بعدما ردت على هجوم ايران بضربة محدودة جدا في الداخل، ذاهبة الى تصعيد كبير ضد "حزب الله"، ولن يحاول الاميركيون ثنيها بعدما لمسوا مقدار التواطؤ الرسمي والسياسي مع "الحزب