أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الأربعاء ٢٠/٠٣/٢٠٢٤

 

كتبت النهار:

لا شك في أن ما أبلغه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى سفراء مجموعة الدول الخمس يشكل "كلاماً جوهرياً" لجهة التشبث بالدستور وحده ورفض أعراف التعطيل والتجويف للدستور وللأصول الانتخابية الديموقراطية وكفى. ومع ذلك، وبعيداً من أي نزعة سخيفة للتخفيف والتقليل من أهمية تحرك خمسة سفراء لخمس من أكبر الدول الغربية والعربية حيال الأزمة الرئاسية، يقودنا موقف بكركي وسيّدها الى معادلة حقيقية أساسية أخرى نتساءل معها: هل هذه الدول الخمس، الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، التي لكل منها منفردة أو من ضمن مجموعات دولية، تاريخ مع التجارب والأزمات اللبنانية، تتحرك فعلاً على إيقاع الظن والاعتقاد أن الازمة الرئاسية هي أزمة "إجرائية" داخلية كما توحي موجات تحرّكاتها المتعاقبة؟

الحال أن اللبنانيين "العاديين" جداً بغالبيتهم الساحقة، لو كان لهم أن يحكموا على تحركات الدول وموفديها وسفرائها، لنصحوهم بعدم إضاعة وهدر كل هذا الجهد فيما هذه الدول هي "أول وأكثر العارفين" إن شاءت اختصار الطرق ومساعدة لبنان فعلاً في التخلص من ربقة وصاية على الأزمة تقيمها إيران بالدرجة الأولى وتفيد منها في توظيف التسليم الدولي الضمني لنفوذها في لبنان مهما كانت تعبيرات الرفض الدولي والعربي "الإنشائي" لهذا النفوذ الآخذ في التعمّق الخطير. قد يكون من غير الواقعي في واقع كالواقع اللبناني البائس المنهار إظهار علائم الاندهاش حيال سلوكيات دولية وديبلوماسية خارجية حيال البلد الذي عجز واستسلم أمام واقع التلاعب والعبث بمساره الدستوري والديموقراطي وصار التعطيل آفة كبرى من آفات تراجعه وتقهقره الى حدود تهدّد كيانه المستقل كلاً. ومع ذلك سيتعيّن على الدول الخمس تحديداً، ما دامت تظهر تصميم الحد الأدنى لمعاينة الأزمة والمضيّ في محاولات التوصّل إلى إنهائها بانتخاب رئيس للجمهورية لا تتورط في تسميته وتعيينه على نمط ما كانت تعتمده الوصاية السورية بقوة الاحتلال الاستخباراتي والعسكري والسياسي المباشر، أن تدرك أن طريق انعتاق لبنان تبدأ بسياسات واضحة حاسمة وجازمة تقول علناً وسراً بأن ثمة مجموعة دول تمثل المجتمع الدولي لن تسمح لإيران بتقويض الدولة والاستقلال والدستور والسياسة في لبنان.

هذا البعد الأساسي في "المرجوّ" من خمس دول تملك ما تملكه من قدرات ومصالح، مما ندرك ولا ندرك، هو ما ينتظره اللبنانيون الأقحاح من مجتمع دولي طالما نادى بمعرفته بخطورة تذويب لبنان التعددي الديموقراطي خصوصاً بعد انهياراته في السنوات الأخيرة. أما أن تغدو محاولات الدول الخمس، التي لكل منها حتماً تجاربها مع إيران، أشبه بسكب المياه على رأس مريض محموم بمرض عضال، فإن ذلك لا يترك الكثير لتعاظم الخيبة المتجددة من تجارب طالما عانى لبنان من أنها سلّمت مصيره للمصالح والدول الإقليمية المتحكمة بمصيره.

 

لم يمرّ وقت ولا علا غبار ولم تذوِ تداعيات بعد على تلاعب الشهيّات الإقليمية بلبنان ونظامه وشعبه وأرضه، بما لا ينساه اللبنانيون الذين صار معظمهم مهاجراً فيما زحف شعب آخر برمّته يتهدّد الهوية والأرض والديموغرافيا بخطورة غير مسبوقة. أخطار كهذه لا تبقي الرهان كبيراً على ما يشبه "وساطة علاقات عامة" في أزمة ضرب النظام والدستور لئلا "نظن سوءاً" أو نشتبه بأن مالكي القدرات الدولية العملاقة لا يقيمون أي أولوية جدّية وعميقة لإنقاذ لبنان من براثن شهوات النفوذ القاتل... إن لم يكن أكثر!