أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الأربعاء ١٤/٠٢/٢٠٢٤

 

أبرز ما تناولته الصحف اليوم




كتبت النهار





يبدو طبيعياً وبديهياً أن يعلو في الذكرى الـ19 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري عنوان عودة أو لاعودة نجله الرئيس سعد الحريري الى المعادلة السياسية حضوراً وزعامة وانغماساً كاملاً في الحياة السياسية (إذا صح أن في لبنان المشلول بل المقتول دستورياً حياة سياسية منذ الفراغ الرئاسي) على ما صار اللبنانيون متطبّعين معه على نحو خطير. نعني، واليوم تحديداً هو الموعد الأشد "نجومية" في التاريخ الأسود للاغتيالات في لبنان، أن هذا القدر الاستباحي الدموي للبنان غالباً ما شكل "مكوناً" من مكونات الدفع بحقبات مصيرية للبلد – المنصة الى متاهات تخالف تكوينه الطبيعي ومساراته النموذجية نحو استكمال دولة لم تستكمل يوماً بل أجهضت في كل مرة كانت تقترب فيه من أن تكتمل ملامحها الواقعية.



يحدث في مصادفة غريبة اليوم بالذات، في مناخ إحياء ذكرى 14 شباط 2005، على الأراضي اللبنانية بدءاً من جنوب لبنان، أن تحوّلت الاغتيالات "المنهجية" أي كعمليات حربية وقتالية فضلاً عن الطابع الاستخباراتي، التي تشنّها إسرائيل على "حزب الله" سلاحاً هو الأمضى والأشد خطورة في طابع المواجهات المندلعة على الجبهة الجنوبية منذ الثامن من تشرين الأول من العام الماضي. تاريخ العمليات الإسرائيلية في الاغتيالات في لبنان لا يحتاج الى نفض الغبار ولا يضاهيه سوى تاريخ الموساد مع الاغتيالات في صفوف الفلسطينيين وزعامات فصائلهم وصولاً الى تسميم رمزهم التاريخي ياسر عرفات. ولكن الدلالات الأخطر التي اقترنت بالاغتيالات الإسرائيلية طبعت تلك العملية المخيفة التي حصلت عشية اشتعال الحرب في لبنان كانت ما سُمّي "عملية فردان" عام 1973 التي قادها إيهود باراك وأفضت الى اغتيال القادة الفلسطينيين الثلاثة محمد يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر. لا نسوق هذا الجانب الدموي من الصراع مع إسرائيل إلا لأن حاضر حرب الإفناء التي تشنّها إسرائيل على غزة كما "الحرب المحدودة" (والتسمية صارت خطأً شائعاً) على أرض الجنوب وأبعد بقليل اقترنت أيضاً في الكثير من وقائعها بالاغتيالات المنهجية كسلاح فتاك يعاينه العالم ببلادة.



لذا، وفي ظل هذه المصادفة، تعود بقوة ساحقة التداعيات المخيفة لحرب الاغتيالات التي سبقت وواكبت وأعقبت ثورة اللبنانيين على الوصاية السورية وأي وصاية إقليمية قبل 19 عاماً كسلاح فتّاك أيضاً، وأشد فتكاً وتأثيراً من أي حرب أو اجتياح، على الواقع الداخلي بدليل "هذا اللبنان" المفكك الآن بلا أي حصانات وحمايات وضمانات. منذ الصراع الكبير الذي فجّره التمديد لإميل لحود في لحظة صدور القرار 1559 والذي أودى بضحيته الكبرى رفيق الحريري حتى الساعة، أي لحظة احتشاد الناس عند ضريحه، أمعنت الاغتيالات "الداخلية" المعروفة الفاعل كمثل الوقائع المثبتة في حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في ملف الحريري، أو المجهّلة الفاعل في كل ملفات شهداء الاغتيالات منذ 19 عاماً، في تعميق انقسام عمودي كان ولا يزال وسيظلّ الأخطر إطلاقاً في "إعادة تأهيل" لبنان لفتن مقبلة وليست لفتنة واحدة محتملة. لا تقاس الفتن فقط بالأحداث الدموية الشنيعة بل ثمة حالات، كظروف لبنان المأزوم الراهن، تُعد نموذجاً لفتنة معتملة تتعايش معها "الجماهير" اللبنانية كما تعايشت مع خطوط التماس التقسيمية لأكثر من 15 عاماً في الحرب. وليست استباحة لبنان منصّة للحروب والصراعات واستدراج التصفيات الدموية إليه مراراً وتكراراً إلا الممر الدموي الخالص لجعل الاغتيالات أسوأ العناوين لديمومة الاستباحة.