كتبت النهار
قد يتعين على المسؤولين اللبنانيين الرسميين ومَن يسير في ركاب الخطاب الرسمي الخشبي من السياسيين في معزوفة فاقدة الصدقية وفارغة من المحتوى العملي والواقعي حيال القرار 1701 أن يبادروا مع مطلع السنة الجديدة الى تبديل هذه اللازمة الخشبية بأسرع ما يمكن. صرنا "إذا" سمعناهم (والأداة الشرطية "إذا" موصوفة هنا) ظننّا أننا أمام طبقة منعزلة عن الواقع، كقصة ذاك الياباني التائه الذي خرج من الغابة بعد خمسين عاماً من نهاية الحرب العالمية ظاناً انها مستمرة. قبل أيام خرج الرجل الثاني في "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم بنبرة الجنرالات الحاسمة ليعلن "رسميا" ما لم يكن أعلنه قبله حتى الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله نفسه منذ بداية "مواجهات المشاغلة" عبر الحدود الجنوبية مع اسرائيل في الثامن من تشرين الاول الماضي، وهو اعلان اتخاذ "حزب الله" قرار حالة الحرب مع اسرائيل بلا استئذان أحد، لا الحكومة اللبنانية ولا مجلس النواب اللبناني ولا الجيش اللبناني ولا طبعا أي حزب أو جهة سياسية لبنانية. قالها الشيخ نعيم ومشى غير عابئ بأي موقف داخلي قد يصدر حيال إعلانه هذا، سواء من إدراكه المسبق وهو العليم المجرب بمن يوجه اليهم حزبه رسائله و"التبليغات" بعد أن يكون فرض على الجميع أمره الواقع، أو لقلة اهتمام وقلة اكتراث بأي موقف سلبي أو اعتراضي قد يصدر بعد ان يكون ضرب مَن ضرب وهرب مَن هرب. في كلا الاحتمالين أصاب الشيخ نعيم في تجاهل مَن تجاهلهم لأن صحراء الصمت والسكوت والتجاهل فرضت قواعدها فلم يصدر سحابة الايام السابقة أي صدى أو موقف رسمي حيال اعلان "حزب الله" بلسان نائب امينه العام حالة الحرب مع اسرائيل، ولو بتناسب حجم المواجهة معها تبعاً لتطورات الحرب.
لا يقف الامر عند هذا التطور البالغ الخطورة بل ترانا كلبنانيين نقف حيارى يومياً أمام لازمة تكرار المسؤولين الرسميين والسياسيين السائرين في ركاب الخطاب الخشبي لـ"محور الممانعة" من ان لبنان احترم ويحترم وسيحترم القرار 1701، وان خرقه وانتهاكه يقعان في خانة اسرائيل وحدها فيما بات الجنوب تحت وطأة حرب كاملة المعايير تنذر في أي لحظة بالتمدد الى سائر انحاء لبنان... نتساءل هل ثمة استراتيجية تسمى استراتيجية التجاهل يظن الوسط الرسمي "الممانع" ومَن يماشيه بأن في قدرته الضحك على اللبنانيين والخارج برمّته وتمريرها مجانا؟ أم تراهم استسلموا استسلاما ساحقا للمطلوب والممنوع من "حزب الله" في هذا المهرجان المخزي الذي سقطت فيه بقايا الصدقية الرسمية للسلطة اللبنانية بحيث يحلل "حزب الله" لنفسه اعلان الحرب وبعدها لاحقا ربما بنود الشروط للتسوية فيما السلطة اللبنانية ورسميّوها يمارسون أبشع وأسخف أنماط الازدواجية الكاذبة على أنفسهم قبل الآخرين في لبنان وسائر المعمورة !؟
لعل أفضل النصائح التي نُسديها مع بدايات سنة "تشرقط" في مطالعها نذر الحرب الجدية في الجنوب التي كان الشيخ نعيم صادقا وجادا وشفافا الى ذروة المستويات في توصيفها واعلانها بلا أي قفازات وبلا أي حرج، الى كبار منظّري الموقف الرسمي من رسميين وسياسيين وخلافهم، باتّباع تحديث طارئ للخطاب عن القرار 1701 الذي صار مسحوقا وليس فقط منتهكا ومعلّقا وساقطا تحت سنابك المواجهات التدميرية لما كان قبل الـ"ميني حرب" الجارية الآن والمنذرة بحرب أين منها حرب غزة بكل شرورها. أقله احفظوا بقايا صدقية تؤهّل السلطة يوماً للتفاوض وإلا...