أبرز ما تناولته الصحف اليوم
كتبت النهار:
من المرجح ان النواب الذين ادلوا بدلوهم في مشروع الموازنة على قاعدة تظهير حرصهم للرأي العام على مصالح اللبنانيين وكيف ساهمت مداخلاتهم في تعديل مشروع سيء قدمته الحكومة يعتقدون انهم سيحصدون تصفيقا او رضى على الاقل في الوقت الذي لا يدركون ان اطلالاتهم كمجلس نواب وحكومة مجتمعين تستمطر اللعنات مصحوبة بحال من القرف من مستوى متدن من النقاش تمحور على بطولات وعنتريات من دون اي كلمة مفيدة . فلا الحكومة التي تتذرع بانها حكومة تصريف اعمال قدمت موازنة تعبر عن ادنى نية في ادخال اصلاحات وانتشال البلد مما يعيشه منذ اكثر من اربع سنوات من الانهيار وتاليا ليست على مستوى ما يواجهه لبنان من تحديات وفق ما اظهرت في اكثر من محطة ، ولا مجلس النواب بلجانه التي تفاخر بنفسها وانجازاتها قدمت ما يشفي الغليل على صعيد الاصلاحات المطلوبة على رغم التعديلات التي اجرتها على مشروع الحكومة او كانت على مستوى مناقشة الحكومة في الموازنة التي قدمتها . الخلاصة ان الطبقة السياسية المتحكمة بالبلد والمغرقة في ادارة ازماته تستمر في ادارة الامور بالعقلية السابقة نفسها والادوات السابقة نفسها . فاذا كانت تمشي كالبطة وتسبح كالبطة وتصدر صوتا كالبطة ، فهي حكما بطة . فاذا كان هؤلاء المسؤولون هم انفسهم الذي دفعوا البلد الى الانهيار واتخذوا كل القرارات التي ادت الى ذلك يرمون بثقلهم لتبرير مواقفهم تحت وطأة المزايدة والشعبوية ليس الا ويكررون مطالب وردت على الاقل لما يزيد على عشرة او عشرين موازنة في السابق في ما خص الادارة العامة والاملاك البحرية او عن الجمارك والتهرب الضريبي ، ولم يجدوا حلا لذلك على الاقل ما بعد الانهيار باعتبار ان ما قبله غير ما بعده ، فعبثا يأمل اللبنانيون لا في بناء دولة ولا في التعويل على اهل سلطة لم يفعلوا سوى تدمير البلد ومواصلة ذلك على طول الخط . وهذا كله امر جلل والامر الجلل الاخر الاكثر اهمية هو موضوع قطع الحساب وقد تناسى او تجاهل النواب المعنيون كيف تم وقف اقرار الموازنات على مدى 11 سنة ومن المسؤول عن ذلك بذريعة القيود الافتتاحية للعام 1992 بحيث غدا صعبا انجاز قطع الحساب للموازنة راهنا. وهي المشكلة في وزارة المال ام في ديوان المحاسبة الذي يريد ان يمارس الرقابة المسبقة لا اللاحقة على غرار ما باتت تقوم به غالبية الدول في العالم باستثناء البعض منها . ومن اجل القيام بالرقابة المسبقة لم يعد هناك من يستطيع ان يقوم بذلك ولم يعد يعرف لبنان القيام بالرقابة اللاحقة ، ما اوقف عمليات قطع الحساب. والنتيجة ان الصراع يستمر حول من سيمارس السلطة في ظل ما يعتبره مراقبون سياسيون ماليون انها حملة شعبوية لا تقدم ولا تؤخر حيث دفع اللبنانيون ولا يزالون يدفعون وحدهم الثمن فيما يمسك كل من الزعماء بجماعته ويخيفهم من الاخرين . ومع ان الموضوعية تقتضي عدم اخذ كل النواب في سلة واحدة ، فان الهزال في المواقف طغى في مجلس النواب .
امران اساسيا كشفهما اداء الحكومة ومجلس النواب معا في هذا السياق هما : غياب القرار وغياب الرؤية الى جانب عدم الرغبة في اجراء اصلاحات جوهرية واساسية مطلوبة .فلا هيبة لا للحكومة ولا لمجلس النواب لا سيما ان الحكومة تتألف من قوى اساسية تتحكم في المجلس ، فيما يستمد الاثنان " شرعيتهما" او شرعية وجودهما من امرين هما غياب البدائل والحاجة الماسة من الخارج المتعثر والمرتبك بالحرب على غزة وتداعياتها الاقليمية المتعددة الى محاور لبناني موجود او قائم بعيدا من البحث عما ابعد من ذلك الى جانب استسلام اللبنانيين وخنوعهم لكل ما يجري في حقهم . فلا محاسبة ولا ضغوط من احد ما يتيح لهؤلاء الاستمرار في الاسلوب نفسه من دون خجل او وجل فيما نجحوا في تجاوز كل مطالب التغيير ومن ثم الاصلاحات من الخارج الى درجة باتت شروط صندوق النقد والاتفاق الذي عقدته هذه الحكومة معه طي النسيان فلا احد يتذكره او يريده .
والفداحة الاضافية التي لاحقت مجلس النواب في شكل خاص و الذي التأم في توقيت مواز في يومه الثاني لمناقشة الموازنة مع اجتماع دعا اليه السفير السعودي وليد بخاري في دارته في اليرزة لسفراء دول الخماسية التي تضم كلا من قطر ومصر والولايات المتحدة وفرنسا والتي تبعد مسافة بضع كيلومترات فقط من مبنى المجلس. ففي الوقت الذي يجتمع سفراء هذه الدول تحت عنوان الاهتمام بالمساعدة على اخراج لبنان من ازمته والبحث في سبل وضع خريطة طريق لاقناع مجلس النواب ومن يسيطر عليه من قوى السلطة باتاحة انتخاب رئيس للجمهورية بغض النظر عن مدى توافق الرؤى او ابتعادها في ما بينهم ، يبحث النواب في جنس الموازنة، من دون ان ينفي ذلك اهمية هذا الاجراء. لكنها صورة سوريالية في حد ذاتها وفقا لمصادر ديبلوماسية ، اذ تجمع بين مجلس النواب يريد توجيه عبر مناقشته الموازنة رسالة الى الداخل والخارج انه يحرص على عدم سقوط البلد وتأمين استمراريته بالحد الادنى وانه حريص على الانتظام في البلد ، فيما تبحث مجموعة من سفراء دول صديقة مؤثرة في امكان التوافق في ما بينها حول السبل لحض المجلس النيابي نفسه على انتخاب رئيس للجمهورية بما يمكن ان يشكل الرسالة الاقوى عن الرغبة في انقاذ البلد وليس تقزيمه كما يجرى تقزيم موقع الرئاسة الاولى وشخص الرئيس العتيد ايا يكن .