أبرز ما تناولته الصحف اليوم
كتبت النهار
لم تبدل الحرب الاسرائيلية على غزة المستمرة منذ ثلاثة اشهر المقاربة التي اعتمدتها اللجنة الخماسية للوضع في لبنان. ومع ان الامور راهنا تبدو تدور في فلك تحكم "حزب الله" بالقرار اللبناني في ظل الانتقادات السياسية المتعددة التي طاولت المواقف التي اطلقها اخيرا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي كما تدور راهنا في غزة حول حركة " حماس" ، فان الامور ليست مرجحة للاستمرار على هذه القاعدة في المستقبل المنظور. اذ ان تجربة حركة " حماس" التي اثارت عمليتها الاخيرة غضبا كبيرا لدى الدول العربية لم تعبر عنه اطلاقا وبقيت على ثباتها في الدفاع عن حق الفلسطينيين ورفض الاعتداءات الاسرائيلية، كافية لرفض ان تملي اي تنظيمات مسلحة السياسة التي تود هذه الدول اعتمادها ولا ان تملي في صراعاتها ان تلملم الدول الخليجية والعربية عموما من ورائها وتتولى اعادة اعمار ما دمرته الة الحرب الاسرائيلية مع الاوروبيين او من دونهم في غالب الاحيان. وما يبدو راهنا ان الحزب يتحكم به في لبنان على نحو كلي ويرغب في استدامته اما عبر تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة فاعلة او عبر انتخاب الرئيس الذي يريده فحسب، ليس مرجحا ان يستمر في الاشهر المقبلة او يحقق ما يسعى اليه. وعلى عكس ما يعتقده البعض من تخل خليجي ولا سيما سعودي عن الوضع اللبناني، فان اللقاءات التي عقدت بين سفيري المملكة السعودية وفرنسا ثم بين سفيري المملكة ومصر تعبر وفق مصادر ديبلوماسية عن متابعة سعودية للوضع وان من دون تدخل فاعل . فيما ان فرنسا وعلى عكس ما يقوله البعض من انتهاء مهمة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، فان باريس تواصل التأكيد بمتابعة مساعيها لان تكون جسرا بين القوى السياسية من دون ان تنفي ان هناك اخطاء حصلت في السابق . ولكنها تحرص على مواصلة التحاور مع " حزب الله" من باب نقل وجهات نظر واراء غير تلك التي يسمعها من القوى الاقليمية الحليفة كايران مثلا او سواها او نقل وجهات نظر القوى السياسية الداخلية الى الحزب وضرورة معرفته مدى جديتها وشرعية الهواجس التي تعبر عنها كذلك. هذا على الاقل ما تسعى اليه فرنسا في تأكيد دورها في مساعدة لبنان على رغم الرهانات القوية من قوى سياسية متعددة على دور اساسي لكل من الولايات المتحدة وايران في هذا السياق، وذلك علما ان الولايات المتحدة هي جزء من الخماسية وتتشارك ودولها المواصفات المتعلقة بالرئاسة الاولى فيما تضم الى جانبها كل من السعودية وقطر ومصر وفرنسا. وفيما ان الولايات المتحدة لا تزال في المقاعد الخلفية ولا ممثل مباشرا لها في الخماسية تماما مثل مصر على غير فرنسا والسعودية وقطر ولا تبدي واشنطن حماسة لان تلعب دورا اكبر من الذي لعبته حتى الان تاركة لفرنسا ان تستمر في وساطتها بالنسخة الجديدة مع لودريان الذي تحدث عن الخيار الثالث او المرشح الثالث كاحتمال وحيد ممكن .
وازاء رصد الامين العام ل" حزب الله" السيد حسن نصرالله المواقف الاسرائيلية والبناء عليها، فانه سيكون امام تحد حقيقي لجهة ابقائه لبنان معلقا بانهاء الحرب على غزة في ضوء اعلان بنيامين نتنياهو ان الحرب في غزة قد تستمر الى سنة 2025 او ان انتهاء الحرب لا يعني وقف القتال وسواها من التصريحات للمسؤولين الاسرائيليين التي لا يستدل منها وقفا قريبا للنار مع ان الامر محتمل نسبيا لجهة تراجع العمليات العسكرية والتدمير الشامل مثلا ودخول الحرب مراحل مختلفة. ولا يعني ذلك ان اسرائيل ستحقق ما تريد اي مواصلة الحرب التي تستنزفها ، ولكن يبقى التساؤل مشروعا حول اي من هذه المؤشرات سيعتبرها الحزب انهاء للحرب او وقفا لها ما قد يطلق عملية ديبلوماسية في الجنوب او يعيد تحريك دينامية العمل من اجل انتخاب رئيس للجمهورية . وتاليا فان التساؤل هو حول اي من هذه المؤشرات سيعتبر انتصارا او سيصنف كذلك على نحو يرخي بثقله على الداخل في لبنان في مقابل اثمان معينة ومن سيقدم هذه الاثمان التي لا تبدو متاحة لا في سياق تجربة غزة ولا في سياق الانزلاق الى تجربة مماثلة في لبنان او التسليم بهذا الاخير لنفوذ الحزب وسيطرته فحسب . ففي نهاية الامر يتم لفت الحزب وعلى نحو مباشر او غير مباشر الى ان التوازن بين المكونات في البلد هو صمام امانه واذا كان يدرك ذلك او لا يدركه ، فان مصادر ديبلوماسية تستقي من تجربة هجرة المسيحيين من القدس على نحو افراغها منهم مما انتهى بوضع اليهود في مواجهة المسلمين وجها لوجه . وهو امر يفترض ان يعي مخاطره من باب الاستهانة بموقع الرئاسة الاهم لدى المسيحيين والوحيد في العالم العربي الى جانب ان المصالحة او التوافق بين السعودية وايران منذ ما يقارب الاشهر العشرة ليس ضمانا لان لا يكون السنة في مواجهة الشيعة في لبنان مع حصول خلل في التوازنات وتضاؤل الدور المسيحي او تغييبه فيما ان الصمت السني بدوره على الاستئثار الشيعي بقرار البلد لا يبدو امرا مستساغا او مريحا بل على العكس من ذلك . وهذا الواقع باسره يتغاضى عنه الحزب لمصلحة تقديمه الحرب في غزة على مصلحة لبنان وابنائه فيما يعتقد ان اصواتا لن تلبث ان تحمل الحزب مسؤولية المزيد من الاستنقاع الانهياري في البلد تبعا لذلك .