اغتيال العاروري كشف هذا الخلل لدى “حزب الله

 

ما بين ما انتهى إليه الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله من كلام اختصر فيه المشهد المرسوم لما يحصل في غزة ولما هو متوقع حصوله في لبنان، وما بين ما سيستتبعه في كلمته اليوم، سلسلة مترابطة من التطورات الميدانية، التي بدأت على مستوى الجبهة الجنوبية في اليوم التالي لعملية “طوفان الأقصى”، ولن تنتهي كما فُهم من كلامه، عند حدود معينة، “فنحن حتّى الآن نقاتل في الجبهة بحسابات لذلك هناك تضحيات لكن إذا فكر العدوّ أن يشن حربًا على لبنان حينها سيكون قتالنا بلا حدود وضوابط وسقوف، ومن يفكر بالحرب معنا سيندم وستكون مكلفة. وإذا كنا نداري حتّى الآن المصالح اللبنانية فإذا شُنّت الحرب على لبنان فإن مقتضى المصالح اللبنانية الوطنية أن نذهب بالحرب إلى الأخير من دون ضوابط”.


فهذا الكلام يعني في السياسة أن “حزب الله” رفض بالجملة والمفرّق أن يرضخ لكل الضغوطات، التي مورست عليه لكي يسحب مقاتليه من على الخطوط الأمامية على الجبهة الجنوبية المفتوحة من البحر إلى جبل الشيخ. وهذا الرفض قد يفسّره البعض، وبالأخصّ الذين يعارضون فتح الجبهة الجنوبية، بأنه نتيجة حتمية يمكن أن يكون عليه الوضع العام في لبنان في حال تطوّرت العمليات التي ينفذّها “الحزب” بالعشرات يوميًا إلى أبعد من قصف “روتيني”.




وهؤلاء يقرأون جيدًا ما بين سطور ما يُقال في تل ابيب، وكذلك ما يُقال في حارة حريك. ويحاولون أن يستنتجوا مآل الأمور وتطورها، التي يبدو أنها ستكون دراماتيكية ، وذلك استنادًا إلى ما سُجّل في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة من أحداث مترابطة. فاستهداف بعض قادة حركة “حماس” – فرع لبنان، وفي الضاحية الجنوبية بالتحديد، مع ما لهذه المنطقة من رمزية وخصوصية، ليس حدثًا عاديًا، على رغم حرص تل ابيب على التأكيد أن هذا الاستهداف لم يكن المقصود منه الضاحية الجنوبية ولا أهلها، بل أشخاصًا محدّدين تعتبرهم إسرائيل من بين العناصر القيادية في حركة “حماس” الأكثر تأثيرًا في العمل الميداني والعسكري.

وما بين استهداف القيادي صالح العاروري ورفاقه والحادث الذي وقع في الناقورة قاسم مشترك، من حيث العمل المخابراتي، الذين يمكن أن يدخل كعنصر جديد في حرب التصفيات. وهذا ما بدأ يخشاه “حزب الله”، الذي تأكد بالحسّ الملموس أنه مخروق داخليًا. وهذا ما يعمل عليه لتلافي تكرار ما حصل، وذلك من خلال حملة “تطهيرية” واسعة قد تطال جميع الذين تحوم حولهم بعض الشبهات.



واللافت في كلام نصرالله أنه استعمل “إذا” الشرطية عندما هدّد إسرائيل بحرب من دون سقوف، بعدما وصفها بأنها أجبن من أن تقوم بحرب شاملة على لبنان، الذي أخذ أكثر من عبرة من حرب إسرائيل الفاشلة على غزة.



ومع هذا يبقى الترقب سيد الموقف عمّا سيكون عليه ردّ “حزب الله”على اغتيال العاروري، الذي نقل الصراع الدائر بين الحزب واسرائيل الى مرحلة جديدة تتسم بتوسيع الصراع ليشمل اغتيال القيادات الحركية، ما يعني ضمناً فتح مجال الرد على اغتيالات متبادلة بين الطرفين وتوسعة آفاق الحرب الدائرة حالياً، نحو مزيد من التصعيد والتفلت، لما لا يمكن لاحد التكهن بتداعياتها ومخاطرها المقلقة، وما تودي إليه لاحقاً.


فالردّ حتمّي بعدما تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمراء، وذلك حفاظًا على معنويات مقاتلي “حزب الله” وبيئته، وللدفاع عن صدقيته في حماية حلفائه ومنع اغتيالهم أو التعدي عليهم من قبل اسرائيل وغيرها.


وقد خلص نصرالله إلى أن لجوء اسرائيل إلى عمليات اغتيال قيادات “حماس” خارج حدود الحرب التي تشنها على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، لن يقلب كفة الموازين لمصلحتها، أو يعيد هيبة الجيش الاسرائيلي التي تشوهت بعملية “طوفان الأقصى”.