إنّها المهنة الأكثر رواجاً في السّنوات القليلة الماضية، والأكثر جدلاً أيضاً. حَوَّلت الأزمة الاقتصاديّة ولُعبة سعر الصّرف نصف الشّعب اللبناني الى صرّافين، وبين الشّرعي وغير الشّرعي، دخل هذا القطاع في فوضى عارمة لا يبدو أنّها انتهت مع استقرار سعر الصّرف الذي يصفه الاقتصاديّون بـ”المُزيّف”. فهل لا تزال “الصرافة” مطلوبة كالسّابق؟ وكيف هو وضع القطاع اليوم؟
ترك طوني شمعون عمله في قطاع إدارة الفنادق منذ سنتين، وقرّر أن يعمل كصرّاف متنقّلٍ “عالطّلب” ليُحقِّق أرباحاً تفوق بأضعافٍ ما يجنيه في مهنته الأصليّة، وقال لموقع mtv: “دخلتُ الى مهنة الصرافة لأنها أصبحت رائجة وكنت أحقّق يوميّاً ما بين 150 و200 دولار، ولكن اليوم، ومع استقرار سعر الصّرف، لم نعد نُحقّق أرباحاً كالسّابق، فبقيتُ أعمل جزئياً كصرّاف ولكن عدتُ الى مهنتي السّابقة”.
حالُ طوني هي حال كُثر من اللبنانيّين وغير اللبنانيّين الذين عملوا ولا يزالون كصرّافين غير شرعيّين مُستفيدين من الفوضى والتفلّت في هذا القطاع بحسب ما أكّده نقيب الصرّافين في لبنان مجد المصري، لافتاً الى أنّ “الدخلاء الى هذه المهنة هم من اللبنانيّين والسوريّين والفلسطينيّين، ويبلغون الآلاف، في وقٍت أنّ عدد الصرّافين الشرعيّين المُسجّلين هو فقط 304”.
وكشف المصري عبر موقع mtv أنّ “الصرّافين غير الشرعيّين لا يزالون يعملون رغم استقرار سعر الصّرف، إلا أنّ الرأي العام اللبنانيّ يعتقدُ أنهم تركوا القطاع بسبب تعامل الغالبيّة بالليرة اللبنانيّة والدّولار، ولكنّ الواقع هو أنّ هؤلاء الدخلاء استفادوا من عملهم في السنوات الماضية وأصبحوا اليوم يتعاملون بعملات أجنبيّة أخرى وبتحويلات غير شرعيّة”، مُضيفاً “صحيحٌ أنّ البلد أصبح مدولراً، إلا أنّ الصرّافين غير الشرعيّين لا يزالون على الأرض وثبات سعر الصرف لم يُبعدهم عن هذه المهنة”.
واعتبر المصري أنّه “لا يُمكن إلغاء السّوق السوداء، إلا أنّه على القوى الأمنيّة وضع حدٍّ لهؤلاء وتوقيفهم لأنهم يؤثّرون على هذا القطاع بشكلٍ كبيرٍ ويضرّون بسمعة لبنان المالية، ويعرّضون المواطنين للغشّ وبعضهم يتعامل بعملات مزوّرة وقد ساهم عددهم الكبير في زيادة وتيرة التعامل بهذه العملات”.
ونصح “اللبنانيّين باللجوء الى الصرّافين الشرعيّين لضمان عدم تعرّضهم للغشّ، فالصرّاف الشرعي يتحقّق من مصدر الأموال ومن خلفيّتها، ويُرسل تقارير دوريّة عن حجم التداول في السّوق بالعملات الى مصرف لبنان، كما أنّ شركات الصرافة تخضعُ للأنظمة والقوانين الدوليّة أهمّها مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، والأهم أنّ أمكنة هذه المؤسّسات مُحدّدة ومُراقبة بالكاميرات ومُغلقة ما يؤمّن حماية للمواطن، ومعاملاتها قانونيّة ويُمكن للمُتعاملين الحصول على مُستندات رسميّة”.