أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الخميس ٣٠/١١/٢٠٢٣


 كتبت النهار

من اللافت أن يصبح تطبيق القرار ١٧٠١ من الجانب اللبناني أمراً مستهجناً ومؤامرة إسرائيلية – أميركية يحملها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في حقيبته خلال زيارته للبنان. فمسارعة "الثنائي الشيعي" باستباق زيارة لودريان بالقول إنه يحمل مقترحات إسرائيلية تعني رفضاً مسبقاً لأي احتكام للشرعية الدولية التي تطالب بها الغالبية اللبنانية. لا بل إن الأغلبية المذكورة تطالب بأن تحتكم البلاد لعدد من قرارات الشرعية الدولية بدءاً من القرارين ١٥٥٩ و١٦٨٠ وصولاً الى القرار ١٧٠١ وما تلاه من قرارات متعلقة بتعزيز مهمات القوات الدولية "اليونيفيل". فالخروقات الإسرائيلية غير مبررة، لكن تحويل الجنوب اللبناني الى قاعدة عسكرية متقدمة بإمرة إيرانية لا تخفى على أحد، فضلاً عن تحويل لبنان كله الى مخزن للأسلحة والصواريخ ومنصّة أمنية – عسكرية تتعدى مهماتها لعبة التوازن مع إسرائيل الى استهداف العالم العربي بأسره لا يحظى بقبول أغلبية الشعب اللبناني. أما جبن الطاقم الحاكم وتواطؤه فلا يعكس المناخ اللبناني بغالبية مكوناته وبيئاته المعارضة لمشروع "حزب الله". فقوة الحزب المذكور ليست نابعة من سلاحه، واستعداده لاستخدام القتل والاغتيالات والترهيب، وإنما هي نابعة من استسلام معظم القوى الأخرى التي تعارض هذا الحزب ضمناً، لكنها تؤثر التمسّك بفتات المغانم في السلطة. هذا هو سر غلبة "حزب الله" في بلد متنوع مثل لبنان.


في مطلق الأحوال، إن معيار الموقف من القرار ١٧٠١ يجب أن يكون مصلحة لبنان. فإن كانت بقايا الدولة تأتمر بـ"حزب الله" ولا تعلن موقفاً معارضاً لموقف "الثنائي الشيعي" من مسألة القرار، فلا بأس فليعلن الرئيس نجيب ميقاتي أن لبنان لم يعد ملتزماً بالقرار، ويطالب بإنهاء مهمة القوات الدولية من الجنوب. وليصبح لبنان علناً وصراحة دولة فاشلة ومعلقة تديرها ميليشيا مسلحة من خارج الدستور والقانون والشرعية. لم يعد جائزاً بعد أن كاد لبنان يُورّط في حرب مدمّرة لا علاقة له بها، أن نتجاهل عمق الأزمة المتمثلة بطبيعة "حزب الله". فجميع اللبنانيين يعرفون أنه لو صدر قرار إيراني بالانخراط في الحرب لقام "حزب الله" بتنفيذ التكليف ودفع لبنان الى التهلكة من دون أن يرفّ له جفن.


ما تقدم يفسّر تماماً توسع الهوة بين البيئات اللبنانية. فثمة بيئة منقادة تماماً لمشيئة الحزب المذكور. أما بقية البيئات فرافضة لهذا الواقع الذي تعتبر أنه لا يمثلها، ولا يمثل طموحاتها للبنان الغد. الهوة التي نتحدث عنها حقيقية وتتعمق مع مرور الأيام الى حد باتت بيئات عدة تتحدث علناً عن سقوط صيغة العيش المشترك بعدما قام فريق بعينه بتفكيكها من خلال فرضه صيغة غلبة فريق على بقية الشركاء. وبالتالي لم يعد لبنان وطن التوازنات الدقيقة حيث لا مكان لمنطق الغلبة السائد اليوم بقوة السلاح والترهيب إن لم نقل أكثر.


ما نتحدث عنه بالنسبة الى مسألة القرار ١٧٠١ والشرعية الدولية ينطبق على الاستحقاق الرئاسي الذي يخضع هو الآخر لابتزاز الممانعة ومحاولة فرضها مرشحاً ترفضه بيئته قبل أن ترفضه البيئات الأخرى. هذا دون أن نذكر الموقف السلبي للحاضنة العربية والمجتمع الدولي. ومع ذلك ندرك تماماً أن "حزب الله" لن يغيّر موقفه في الاستحقاق الرئاسي. فهو يسعى للفرض لا للتسوية. من هنا نقدّر أن مهمة الموفد الفرنسي ستواجه مصيراً مشابهاً لما واجهته مهماته السابقة: الفشل.