أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الأربعاء ١٨/١٠/٢٠٢٣


 كتبت نداء الوطن: 

ما حصل في الأيام القليلة الماضية، خلال الاتّصالات المفتوحة بين عواصم العالم قد يدفع الأمور نحو التدهور العسكري حول مفاعيل «طوفان الأقصى» والحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، ودفع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى القول بعد ظهر أول من أمس: «لن يسمح قادة المقاومة للكيان الصهيوني بالقيام بأي إجراء في المنطقة، وأن عملاً وقائياً متوقّع في الساعات المقبلة».


ما قاله عبد اللهيان أتبعه مرشد الثورة علي خامنئي أمس بالتحذير من «نفاد صبر المقاومة والمسلمين إذا تواصلت الجرائم في غزة»، مؤكداً أنّه «لا يمكن لأي طرف أن يقف أمامهم». وبينهما اندفع سفير إيران في بيروت إلى الإعلان على حسابه على منصة X: «خذوا هذه التحذيرات على محمل الجدّ. قد يتصرّف الآخرون من دون سابق إنذار».


تتعارض هذه التصريحات مع إبلاغ عبد اللهيان المسؤولين اللبنانيين والإعلام اللبناني حرص بلاده على أمن لبنان والهدوء فيه خلال زيارته إلى بيروت، ما اعتبره المراقبون قراراً إيرانياً بعدم فتح جبهة الجنوب.


وسط الغموض الذي يلفّ المفاوضات والاتّصالات الجارية على أعلى المستويات بين عواصم العالم والمنطقة وقادتها، وفي ظل توقّعات قادة إسرائيل و»حماس» بأنّ حرب غزة طويلة، تؤكّد التصريحات الإيرانية أن لا ثوابت في الاستنتاجات حول مصير هذه الحرب وإمكان توسّعها، وفقاً للقاعدة القائلة إنّ الأحداث ستبقى متقلّبة تتوالد يوماً بيوم. فبين ليلة وضحاها انقلبت الإشارات إلى أنّ جبهة الجنوب ستبقى بمنأى عن الانفجار، لتعود التهديدات الإيرانية فتتعالى بفتح هذه الجبهة مجدّداً.


وسواء فُتحت وتراجعت طهران عن تهديداتها أم لا، فإنّ المراقبين لهذه المواقف المتقلّبة دعوا إلى رصد ما يجري في العلن وفي الكواليس، إن في إدارة هذه الحرب التي بدأت بضربة صاعقة أو في التعاطي مع القوة الإقليمية التي أطلقتها ورعتها أي إيران. فمن نافل القول إنّ القيادة الإيرانية تعمل على استثمار الطوفان الذي جرف سياسياً معادلات كثيرة وتوجّهات دول أقلّها خطط التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية الذي كانت أميركا تسعى إليه على أنه إنجاز العصر. يعدّد هؤلاء جملة وقائع كالآتي:


- صحيح أنّ إدارة الرئيس جو بايدن حشدت قطعاً بحرية ضخمة وعالية الفعالية العسكرية في المنطقة وسترسل ألفي جندي لمساعدة إسرائيل في عملياتها العسكرية المتعدّدة الأوجه، من اجتياح غزة إلى الدفاع ضد توسيع جبهة القتال نحو الجبهة اللبنانية... وأرسلت ذخيرة من كل الأنواع، من أجل ردع إيران والتفاوض معها. لكن واشنطن اقتحمت المنطقة سياسياً، بشكل غير مسبوق في تاريخ وجودها فيها. في غضون أيام قليلة تواجد فيها رئيسها جو بايدن، وزيرا خارجيتها أنطوني بلينكن ودفاعها لويد أوستن، موفدها للشؤون الإنسانية السفير ديفيد ساترفيلد، واستنفرت وعزّزت أطقم سفاراتها من بيروت إلى القاهرة والسعودية وإسرائيل وعمّان وغيرها.


وأقام بلينكن في مقرّ الحكومة المصغّرة لإدارة القرار الإسرائيلي الداخلي ومع الائتلاف الحكومي والمعارضة معاً... تكاد رموز الإدارة الأميركية تنتقل إلى إسرائيل والعواصم العربية. فهل هذا التحرّك الأميركي الهائل يهدف إلى إنشاء معادلة سياسية لإضعاف إيران وحرمانها من استثمار «طوفان الأقصى» لأنّه شكّل ضربة قاسية، ثم التفاوض معها بعد ذلك، أم من أجل الانخراط في الحرب مع كل احتمالاتها، لترتيب موازين قوى جديدة، بالقوة؟


- إنّ إشارات التفاوض الأميركي الإيراني غير المباشر، التي دلّت عليها تبرئة مواقف أميركية إيران من المشاركة في التخطيط لـ»طوفان الأقصى»، والمساعي التي بُذلت من أجل منع توسيع الحرب والإفراج عن الرهائن لدى «حماس»، أبقت مواضيع التفاوض عند حدود هذين العنوانين. وعاكستها إشارات أخرى إلى أنّ ما طرحته القيادات العربية من تفاوض على ما هو أبعد منهما، أي في شأن الحلول البعيدة المدى للقضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين، ينحصر بالعلاقة مع المنظومة العربية (وفي طليعتها مصر والسعودية) التي ألحّت على رفض اقتصار البحث بإدانة «حماس» وكذلك رفض سياسة الترانسفير الإسرائيلية... وضرورة تناول جوهر المسألة الفلسطينية.


- إنّ الاجتماعات الدولية والإقليمية التي حصلت وستحصل تستبعد إيران عنها، بدءاً باجتماع بايدن خلال زيارته المنطقة، بالملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وحضور الأخير يعني استبعاد «حماس» حليفة طهران وصاحبة الحدث المدوّي الذي أطلق كافة التفاعلات الحاصلة عسكرياً وسياسياً...


كل ذلك وسط الإصرار الأميركي على ضرب «حماس» وفي هذا المجال يتردّد أن واشنطن لم تغادر فكرة دخول إسرائيل غزة وأن اعتبار بايدن احتلالها «خطأ فادحاً» المقصود به بقاء قواتها فيها، وأنّ الجانب الأميركي مع دخول القوات الإسرائيلية من دون البقاء فيها، بل انسحابها منها بعد فترة. كما أنّ القمة الدولية الإقليمية التي دعا إليها الرئيس السيسي السبت المقبل شملت تركيا، لكنها لم تشمل إيران.