أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الخميس ١٩/١٠/٢٠٢٣

 

كتبت النهار


مما لا شك فيه أن أحداً لن يخرج من الحرب منتصراً. ينتصر مَن ليس لديه شيء يخسره، إذ يثبت وجوده، وربما يحتل موقعاً على طاولة الكبار عند بدء أي تفاوض. هكذا فعلت الميليشيات اللبنانية في الحرب، وما بعد الحرب، حيث احتلت الطاولة برمّتها، ولذلك لم يتمكن لبنان من النهوض بمؤسساته، ليصير دولة بكل ما للكلمة من معنى.


وإذا وقعت الحرب الواسعة، فإن "حماس" ستكون اول المستفيدين والخاسرين معاً، لأنها أولاً حجزت لها موقعاً، ولأنها تمكنت من اختراق الأمن الاسرائيلي الذي كان مصنفاً بأنه "لا يُقهر".


ومهما حققت اسرائيل من انتصارات، لم تعد ممكنة بالسهولة المشتهاة، فان الخسارة وقعت، وعادت "الدولة" محمية غربية، وتحديداً اميركية، بما يعطل انفتاحها الذي كانت بدأته عبر مسيرة التطبيع. لكن في المقابل لن تكون "حماس" منتصرة مع كمّ هائل من الخسائر، أو ما تسميه انتصارات ربما لن تجد مساحة لترجمتها في السياسة.


لكن مهما يكن من تطور في مسار الحرب، وهي ستصيب معظم الاطراف بخسائر فادحة، فان السؤال الحقيقي الذي يجب ان يُطرح عمّا بعد المعارك والاعمال الحربية. هل تذهب الامور الى مفاوضات سلام، وتسويات جديدة؟ البعض يراهن على خسارة اسرائيل وانهزام اميركا، في شريط سينمائي من أفلام الخيال. والبعض يراهن على انتصار محور الممانعة والمقاومة، وتعويم روسيا، ومعها سوريا، وفرض معادلات جديدة، وهو أمر غير قابل للتحقق، في ظل عدم تخوّف عربي، وتوجه غربي الى التصدي لطهران، الحديقة الخلفية للمحور كله.

فـ"الانتصار" في ما لو تحقق، لن يقتصر على "حماس" و"حزب الله"، وانما سينعكس على مجمل الخلافات والحروب الدائرة في العالم، ومنها تحديدا الحرب الاوكرانية، والحرب الباردة بين الولايات المتحدة والصين.


لذا تبدو الادارة الاميركية، التي لن تتخلى حتما عن اسرائيل، غير قادرة على التراجع عن دعم اسرائيل، لكنها ايضا مربكة في كل الخيارات التي تسعى اليها، أو التي تحاول الدولة العبرية جرّها اليها.


وفي هذا السياق، يمكن قراءة ما كتبه الديبلوماسي الأميركي السابق وكبير المستشارين بالمجلس الأطلسي في واشنطن توماس واريك في "النيويورك تايمز"، والذي يطرح اسئلة جوهرية في مرحلة الـ"ما بعد" تجنباً لتكرار التجربة الفاشلة في عراق ما بعد صدام حسين.


كتب توماس واريك: "ترأست التخطيط لعراق ما بعد الحرب، لوزارة الخارجية الأميركية في عامي 2002 و2003. وبمجرد أن قرر البيت الأبيض في عام 2002 الإطاحة بصدام حسين بالقوة، حذرت رؤسائي من ضرورة التخطيط الجاد لما سيأتي بعد ذلك. إن الدراسة التي أشرفت عليها "مشروع مستقبل العراق"، أعطت القادة الأميركيين فهماً لما يحتاج إليه العراق في مرحلة ما بعد الحرب...إن الكثير من الأميركيين الذين ذهبوا إلى هناك لم تكن لديهم معرفة بما يحتاجه العراق للتعافي من عقود من حكم صدام حسين وحزب البعث. وساهمت النتيجة في مأساة العراق والولايات المتحدة والشرق الأوسط برمّته. إن ما نشهده حاليا في إسرائيل وغزة يثير فيّ نفس القلق الذي شعر به الكثير منا قبل 20 عاما: الحديث الكثير عن الخطط العسكرية والدمار الذي خلّفته الحرب، وعدم الحديث بشكل كافٍ عما يجب أن يأتي بعد ذلك... إذا فشلت في محاولة بناء شيء أفضل مكان "حماس" أو حاولت بطريقة فاترة، فإن إسرائيل لن تنال سوى بضع سنوات من الراحة"...