أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الأربعاء ٢٧/٠٩/٢٠٢٣


 كتبت النهار:

لن يكون في استطاعة أي جهة في لبنان، يوم يُقيّض للأزمة الرئاسية ان تحطّ رحالها على تسوية ما تضع نهاية لها، ان تقدّر بدقة وجدية كافيتين حجم الاضرار البنيوية العميقة والجوهرية التي اصابت من واقع انقسامي للبلاد مقتلاً وهو المثقل أصلاً بالفجوات الكبيرة. ذلك ان ما تناوب على ما كان يسمى اصطلاحا "وحدة لبنان" منذ البداية "الرسمية" اقله للانهيار التاريخي في 17 تشرين الأول 2019 وما تلاه تدحرجا مع تداعيات انفجار القرن في مرفأ بيروت، ومن ثم سقوط بل اسقاط لبنان مجددا وتكرارا في أسوأ ما ابتدعه الفريق المدمن التلاعب بالدستور والنظام والقانون وتجويف كل ما يشكل الدولة حين أباح لنفسه ان يشرّع البلاد لأزمة فراغ رئاسي مفتوحة منذ سنة، كل هذا مضافا الى تراكمات سابقة كانت من مساهماتها ازمة الانهيار الذي لعب الفساد دورا جوهريا في انفجارها، شكّل ويشكل وسيشكل تقويضا غير مسبوق لوحدة تقليدية لبنانية لم تعد قائمة إلا في حنين وجداني لا يلامس من الواقع شيئا. والأخطر في مقاربة الوحدة الممزقة هذه انها لا تعاني سكرات التصفية جرّاء العامل الطائفي التاريخي في مسببات أزمات التركيبة اللبنانية الهشّة، وحده، وانما هذه المرة مدفوعا بفائض قوة من عوامل اقتصادية واجتماعية وتداعيات لصراع سياسي بات اخطر من الحروب في دكّ معالم النسيج اللبناني الضعيف المتهاوي.

رغم هذه الحقيقة المرعبة وامامها، لا نظن ان لبنانيين اثنين يختلفان راهنا، ولنقل من لحظة اشتعال الازمة المالية الاقتصادية الاجتماعية الأعتى منذ 2019 وحتى الساعة، حول حقيقة "توحيدية" غريبة ونادرة تتصل بعاملين متلازمين: الأول الذعر العارم المتحكم باللبنانيين في كل المناطق ولدى كل الطوائف والفئات الاجتماعية حيال خطر الاخطار المتمثل بتعاظم موجات "اجتياح" النازحين والمتسللين السوريين للبنان بكل مناطقة افقيا وعموديا على نحو لا سابق لخطورته في أي بلد تعرّض أو يتعرض لتعاظم موجات الهجرة الأجنبية الوافدة اليه. والثاني الاقتراب من سقف "اليأس" في مسألة الأزمة المالية وتداعياتها المختلفة، ولا سيما منها في الشق المتصل بأخطر وأضخم منهبة تاريخية عرفها بلد لودائع الناس في المصارف.


لا نغالي اطلاقا، بإزاء هذين الخطرين اللذين يحملان طبيعة "نادرة" في التوحش حيال "اغتيال" ونهب حقوق اللبنانيين من جهة وتهديدهم كيانيا ووجوديا بكل معايير الخطورة على "الهوية" والكيان وحتى الوجود، بأخطر حجم متعاظم لشعب سوري آخر يزاحم الشعب اللبناني على كل شيء ولو كان مصنفا نازحا.


نقول إن ثمة في طوايا الكارثة التي تتدحرج فوق لبنان عاملَين "توحيديين" لا تُضاهى قوتهما التوحيدية ولا سابق لتمازجهما كما سيكون ذلك في قابل الوقت الآتي. ليس كالذعر ما يوحّد الناس وليس كالفقر والمهانة ما يقرّب الناس بعضهم من بعض، كما ليس كالغضب الذي يفجره تآمر دولي غربي عربي مخيف على لبنان لجعله البلد البديل فعلاً للنازحين السوريين، ما سيثبت ان نبضا شعبيا عاما موحدا على رفض المؤامرة سيدفع بكل القوى السياسية ولو مرغمة الى ما سيكون يوما استراتيجية مواجهة قسرية لا غنى عنها لخطر "اندثار" اللبنانيين. هما عاملان اكثر من نظريين حاليا ينتظران وسطا سياسيا ان يستشرف اخطر الاخطار قبل ان تندلع تداعيات لا احد يدري ويجزم ويضمن انها ستبقى سلمية لدى استفحال التراكم المتصل بفقر الفقراء او بانفجار العصبيات العنصرية الآخذة في التفاقم جرّاء ازدياد اسطوري لأعداد النازحين السوريين