أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الجمعة ٢٩/٠٩/٢٠٢٣

 

كتبت النهار


من المرجح ان يبقى الكلام المعمم سياسيا واعلاميا ان الثنائي الشيعي لن يتنازل عن دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه حتى انهاء الصفقة التي يتم التفاوض عليها وراء الكواليس ووضع اللمسات الاخيرة عليها ايا تكن المدة التي سيستغرقها ذلك والتي يحددها المتفائلون ببضعة اسابيع لاعتبارات عدة فيما يرفض الواقعيون ربطها بمدة محددة . فلا يتوقع احد ان ينهي الثنائي مسبقا الصراع قبل ان يضمن النتائج التي يطمح اليها والتي كان يعلم مسبقا حين دعم ترشيح فرنجيه وعارضته القوى المسيحية، بانه سيصل اليها في نهاية الامر وسيبقي التعطيل قائما حتى يحين الوقت الاقليمي المناسب لايران والمحلي المناسب له بحيث تكتمل عناصر الصفقة التي يستبعد ان تكون مقتصرة على موقع الرئاسة الاولى . فهذا هو الاخراج الوحيد الذي يمكن ان يحفظ ماء الوجه لا سيما لهذا الفريق باعتبار انه سيتنازل حكما عن مرشحه لان كلفته وفي ظل المعطيات القائمة ستكون عالية جدا من دون دعم شامل داخلي واخر خارجي يفوق او يوازي الكلفة الباهظة التي كبدتها له وللبلد رئاسة ميشال عون.


ويجب الاقرار ان هذا الفريق بات في زاوية اتهامه او تحمله مسؤولية منع الانتقال الى مرشح ثالث من اجل انتخاب رئيس للجمهورية فيما لا اوراق جديدة لديه للمساومة بعد اعلان الموفد الفرنسي جان ايف لودريان ضرورة الذهاب الى المرشح الثالث علنا هذه المرة وليس على السنة النواب والسياسيين الذين التقوه في بيروت ابان زيارته الثالثة. فهذا الاعلان كان بمثابة الانتقال الى مرحلة اخرى تكشف فيها الاوراق وتحرج الثنائي الذي يضيق الهامش امامه فيما يعلن حاكم المصرف المركزي بالانابة وسيم منصوري المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه بري ان الاستقرار الحالي هش ولا يجب الاعتماد على استمراره . والمغزى من كلام لودريان الذي اخرجه الى العلن هو انهاء كل التكهنات والتفسيرات عن بقاء فرنسا في المربع الاول الذي انطلقت منه اي تبنيها المقايضة التي فشلت في تسويقها وان هناك تناقضا في كواليس الاليزيه وتنافس بين دوائره. قال لودريان ذلك عن حتمية الذهاب الى المرشح الثالث وتوجه الى الرياض حيث اجتمع بوزير الخارجية فيصل بن فرحان للدلالة على التنسيق الفرنسي السعودي وعدم تغريد فرنسا خارج سرب الخماسية وفق ما نسج السياسيون والاعلام اللبناني بعد الاجتماع الثالث للخماسية في نيويورك والذي جرى تعميم فشله في التوصل الى نتيجة. وهذا الموقف للموفد الفرنسي من شأنه ان يبقي باريس في اللعبة الرئاسية وايضا نتيجة الجزم الاستباقي لبنانيا بان دورها انتهى مع التحرك القطري الذي نشط بقوة في الاسبوعين الاخيرين فيما ان العاصمة الفرنسية لا يمكنها ان تخرج نفسها من هذه اللعبة ولن تسمح ايضا باخراجها منها كذلك ايا يكن الدور الذي يمكن ان تؤديه في ظل تعدد الوساطات.


ومن الملفت اكثر من الكتمان الذي يحيط الوسيط القطري مهمته به هو التكتم الذي تمارسه القوى السياسية ازاء ما تناقشه مع هذا الوسيط على عكس ما كانت تبادر هذه القوى الى كشفه استباقيا مع الموفد الفرنسي وبعد لقائه وما بينهما من تسريبات كثيرة فضلا عن الانتقادات والرفض وما الى ذلك. وهذا يؤشر الى جدية وعمق ما يتم بحثه والذي من شأن كشفه ان يؤدي الى افشاله فيما ان القوى السياسية لم تعد تملك ترف افشال المبادرات او الوساطات. وذلك لا ينطلق من منطلق الحرص على لبنان او انهاء معاناة اهله بل من منطلق تعب اصحاب الوساطات ما ينبىء بان يترك اهل السياسة لانفسهم يتدبرون امر البلد فيما هم في الواقع عاجزون ومفلسون ويحتاجون الى رافعة الدعم الخارجي وضمانته وامواله ليظهروا استعداهم للتنازل ويظهروا انتصارا ما انطلاقا من اعادة الاعتراف الخارجي بهم وبمواقعهم لكي يعيدوا تأهيل انفسهم كمسؤولين قادرين عن ادارة البلد.


ولكن حشر الثنائي الشيعي في خياره لا ينبغي ان يكون مريحا انطلاقا من ان موافقته حتمية على اي مرشح اخر وورقته قوية في هذا الاطار ولو ان المعارضة بتأكيد استعدادها الذهاب الى المرشح الثالث ترغب في اظهار ان الثنائي الشيعي سيتراجع علما انها ستتراجع ايضا عن خيارها الذي لم تدافع عنه بقوة على رغم جدارة مرشحها في انهاض البلد اقتصاديا وامتلاكه الصلات الخارجية من اجل ذلك . والسؤال المقلق يتصل بما اذا كانت صفقة الرئاسة التي يتم اعدادها ستنهي الصراع الداخلي الذي اخذ ابعادا كبيرة لا سيما خلال الاشهر الاخيرة في ظل مخاوف من الا يؤدي انتخاب الرئيس العتيد الى اعطاء الفرصة التي يحتاجه اليها البلد للنهوض اذا لم تكن الهدنة مرشحة للدوام بين القوى السياسية . وانهيار مؤسسات البلد بدءا من القضاء غير الموجود والذي هو اساس السلطة الى سائر المؤسسات والقطاعات يحتاج الى ورشة عمل متكاملة يخشى انها لن تتوافر بسهولة. فالازمة ليست ازمة رئاسة الجمهورية فحسب وثمة تغييرات جوهرية حصلت وليس واضحا كيف يمكن لاي رئيس مواكبتها وكيف وكذلك بالنسبة الى اي حكومة مقبلة ستعيد تكريس نفوذ القوى السياسية ومصالحها ونفوذها كما يفعل وزراء هذه الحكومة من دون ان يتحلى غالبيتهم باي كفاية سياسية او رؤية لمصلحة البلد.فاذا انتهت الازمة الراهنة الى اعادة ترتيب الاوراق والاستحقاقات وفق ما يتوقع في نهاية الامر ، فستكتشف صيغة جديدة من توزيع المصالح والنفوذ على قاعدة قد تتغير في الجوهر بمقدار ما سيبدو التغيير في الشكل فحسب فيما ان التحولات في صورة لبنان وصيغته ومعادلاته السياسية قد حصلت فعلا ولا يمكن او يصعب اعادتها الى الوراء .