أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الخميس07/09/2023
كتبت النهار
سخرت السلطات اللبنانية كامل قدرتها السياسية وليس الديبلوماسية فحسب من اجل المساهمة في العودة بقرار مجلس الامن الدولي الذي يمدد للقوة الدولية العاملة في الجنوب الى ما قبل تمديد آب 2022 اي العودة عن استقلالية تحرك هذه القوة في مناطق انتشارها في الجنوب. اذ ان اتصالات رفيعة المستوى جرت مع رؤساء دول صديقة للمساهمة في اعطاء لبنان التعديلات التي يرغب فيما ان " حزب الله" انخرط من جهته بكل قواه علنا من اجل تحقيق هذه الغاية ولكن لم تنجح تهديداته على رغم استناده الى دعم روسي وصيني في هذا الاطار . وعزا لبنان الديبلوماسي ذلك الى دول كبرى لديها ارادتها التي يمكن ان تفرضها في مجلس الامن وهي قادرة على ذلك. هل كان سينجح وجود رئيس " لا يطعن في الظهر " وفق تعبير الحزب في اعطاء هذا الاخير ما يريد من خلال اتصالات يتولاها شخصيا للحصول على تعديل في قرار مجلس الامن على غرار الانخراط المباشر الذي كان يقوم به وعلى نحو لن يكون قابلا للتكرار في تاريخ لبنان ، الرئيس رفيق الحريري بعلاقاته الواسعة وصداقاته ام ان مصالح الدول هي التي تفرض نفسها في اي حال وايا تكن القدرة اللبنانية التي لم تعد تساوي شيئا فيما سمعة لبنان في أسوأ حالاتها ؟
عدم نجاح الحزب الذي وقف وراء الدفع الديبلوماسي الرسمي يؤشر الى دلالة مهمة ومفادها عدم امكان تحقيقه انجازات خارجية على وقع معاركه التي يريد ان يجعلها معركة للبنان . وهو امر مختلف عن مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل التي اعتمد ازاءها الحزب تهديدات قال انها التي ساهمت في انتاج التفاوض وحصول لبنان على ما يريد في الوقت الذي تشكل معركة ترسيم الحدود معركة للبنان ككل وليس معركة للحزب فضلا عن ان ظروفها مختلفة . اختلفت قدرة الحزب على تحقيق " انتصار" او "انجاز " على هذا الصعيد عن تفاخره ب" انجاز " ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل فيما ان هذا الاخير يشكل معركة لكل لبنان فعلا على غير معركة تعديل قرار مجلس الامن. وذلك علما ان النظرة الى لبنان في الخارج باتت تحكمها جملة من الاعتبارات تبدأ من اللااحترام ولا تنتهي به .
والنقطة المهمة في هذا السياق ان ورقة الاستقرار في الجنوب والمحافظة عليه مع القوة الدولية العاملة هناك تشكل احدى نقطتين مهمتين او نقطتي ضعف بالاحرى للخارج للاهتمام بلبنان باعتبار ان النقطة الاخرى باتت تتعلق بموضوع اللاجئين السوريين . ولكن تبين ان دولا مؤثرة في مجلس الامن اظهرت قدرة على رفض الابتزاز حتى لو كان الموضوع يتصل بالجنوب والحدود مع اسرائيل ، وذلك في وقت حصلت تطورات كثيرة من بينها اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل وابداء لبنان استعداده لتثبيت حدوده البرية او تحديدها.
والقراءة الخاطئة الاخرى كانت انسحبت بقوة على الاستعجال في اعلان الانتصار بتراجع الدول الخليجية عن مقاربتها للنظام السوري وتعويمه من دون ثمن لا في حل سياسي ولا في اي شيء اساسي فيما لم تتأخر التظاهرات التي عمت في سوريا عن تأكيد ان السوريين لم يتراجعوا ولو صمتوا تحت وطأة اعتبارات كثيرة . فيما ظن البعض ان بشار الاسد الذي بات يخضع لسيطرة دولتين اساسيتين تتحكمان بقراره هما روسيا وايران يمكن ان تكون سهلة اعادة تعويمه من اجل تشجيعه على الخطو نحو حل سياسي ينهي الازمة السورية . في الوقت ان اتفاقات التعاون الكثيرة الموقعة بين النظام وايران ، والاثنان يعانيان ازمة اقتصادية حادة ، لا تساهم في تخفيف ازمة السوريين ومعاناتهم .
والقراءة الخاطئة الاخرى كذلك كانت في البناء على اتفاق سعودي ايراني حصل في بكين في اذار الماضي على قاعدة انه عنوان لانتصار حاسم او في الحد الادنى لمقايضة ولم يلبث ان ظهر ان الاتفاق هو عنوان انفراج في العلاقات وليس تفاهما لتقاسم النفوذ في المنطقة لا سيما التسليم بمناطق نفوذ لايران ( une detente et pas une entente ) . او بالاحرى كان ثمة استعجال لتعميم قراءة من هذا النوع وتوظيف او استغلال ذلك لاهداف ومصالح سياسية .
تقول مصادر ديبلوماسية ان الحزب بات يدرك عدم قدرته على فرض خياره الرئاسي ولو انه لا يعطي مؤشرات على تراجعه عنه بعد. ولكن يضاف الى الاعتبارات الانفة سقوط المعادلة الفرنسية التي تبنت من خلالها مقايضة بين رئيس للجمهورية للثنائي الشيعي ورئيس للحكومة لخصومهما . كان ثمة اعتماد قوي على الدعم الفرنسي لهذه المعادلة باعتباره الركيزة الخارجية المناسبة والمطلوبة فيما ان هذا الامر لم يعد متوافرا بغض النظر عن حقيقة النوايا الفرنسية العميقة ومدى استياء الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون من السياسيين اللبنانيين . ومع ان الموفد الفرنسي جان ايف لودريان اتى حتى الان من دون مبادرة واضحة فانه وما لم يأت برسالة اقليمية واضحة من دول الخماسية لا تنعكس فشلا متجددا لفرنسا بالذات ، فان الكثير من الايجابية لن يحصل. كما يضاف اليها صلابة المعارضة في الخضوع للضغوط او الاستسلام بحيث تجعل من الصعب التأثير عليها للقبول بعرض " حزب الله " للرئاسة ، وهي النقطة التي يثيرها البعض دوما من باب اذا كان الحزب يريد رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه رئيسا للجمهورية ام لا . ومع ان ترشيح فرنجيه مدعوم من رئيس مجلس النواب نبيه بري، فان اسلوب الحزب في التأكيد على فرض مرشحه جعل من المستحيل ان تؤثر الدول المعنية او تضغط لانهاء الشغور الرئاسي بالقول للمعارضة ان عليها الموافقة على المرشح الذي يريده الحزب فحسب . وينسحب ذلك على الضغط من اجل حوار يريده الثنائي في الاتجاه نفسه و ما لم يكن على الاقل حوارا يريده الثنائي مخرجا له للذهاب الى مرشح اخر ، انما حتى هذا الامر لا يبدو مضمونا لانه يعطي هذا الاخير مكسبا في وقت لا داعي لاعطائه اي مكسب لا سيما ان الوساطة الفرنسية قائمة بالاصالة عن نفسها وبالنيابة عن الاخرين من حيث المبدأ