ابرز ما تناولته الصحف الصادرة ليوم الخميس ٢٧ نيسان ٢٠٢٣



كتبت النهار

  كان حدثاً ذا أبعاد ودلائل ان يخرج قبل أيام اثنان من قادة "حزب الله" هما نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم ورئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين، وخلال اقل من 24 ساعة، ليطلقا معا خطابا مؤدّاه كما قال الاول (قاسم) ان ليس في ميدان السباق الى الرئاسة الاولى إلا مرشح حصري جدي (سليمان فرنجية) وما عداه ودونه فراغٌ وشغورٌ مديدان، فيما نحا الثاني (صفي الدين) منحى اكثر تصاعدياً عندما قال ان ما هو معروض اليوم قد لا يقبل بعرضه غداً، لافتاً الى ان ثمة فرصة ذهبية يتعين على الجميع تلقّفها، وإلا فان احتمال مبارحة حال الانهيار والذهاب في اتجاه الفوضى احتمال وارد وقائم.

اللهجة التصعيدية في خطاب الحزب حيال هذا الملف الضاغط، ثمة مَن سارع الى إدراجها في خانة "التهويل" في أعقاب خيبة أمل انتابت الحزب وشريكه في الثنائية بعد موقف باريس الاخير الذي بدت فيه كأنها تسحب يدها من تأييد وصول فرنجية الى سدة الرئاسة الاولى كمدخل لإخراج البلاد من ازمتها. كما ان ثمة مَن اعتبر ان إطلاق الحزب هذا الكلام انما هو خروج اضطراري عن طوره ورباطة جأشه كردة فعل مضادة على الحملة التي شنّها خصومه وافصحوا فيها صراحة عن أنهم في وارد الاستعداد والجاهزية لتصعيد غير مسبوق قد يصل الى حد اعلان العصيان اذا ما تيقّنوا من ان فرنجية بالغٌ هدفه وهو ولوج عتبة قصر بعبدا طال الزمن أم قصر.

في عُرف بعض العارفين ان هذا المشهد المحتدم الذي طغى على ما عداه في الايام القليلة الماضية انما هو عبارة عن جولتين أخريين من السجال الحاصل منذ أشهر بين المتصارعين على الرئاسة الاولى، وان رأسَي الحربة فيهما هذه المرة انما هما "حزب الله" في هذه الجهة وحزب "القوات اللبنانية" ورئيسها سمير جعجع في الجهة الاخرى، لاسيما ان جعجع بدا نجم المواجهة الأوحد بعد انكفاء ائتلاف المتقاطعين معه على رفض المرشح فرنجية وفي مقدمهم رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي ايقن انه لا يمكنه مجاراة ندّه في الذهاب الى المواقف القصوى التي لا عودة منها.

وكنتيجة لهذه الجولة السجالية ثمة مَن يُظهر "حزب الله" في وضع المحبَط الآمال والمبدَّد الجهود والمأزوم الخيارات، وانه اوشك ان يستسلم لضرورة التخلي عن موقفه المعاند الرامي الى فرض مرشحه على الآخرين. وبناء على هذه النتيجة الافتراضية بدت قوى الاعتراض كأنها تسلك مسلك المحتفي بنصر مبين شعاره فرملة اندفاعة الحزب ومَن والاه سياسيا.

لكن الحزب يقرأ المآلات الاخيرة في المشهد من زاوية مغايرة، اذ يقول على لسان مصدر نيابي فيه "ان الاشكالية عند الحزب باتت ان الآخرين الذين يناصبوننا العداء ما برحوا مصرّين على مقاربة الامر من منطلق انهم في موقع المشاغل للحزب والقادر على استدراجنا الى ساحة المواجهة بذهنية انه يفرض علينا المنازلة بشروطه وليس من منطلق التحاور والبحث الجدي في حلول وتسويات ورؤى تفضي الى الخروج من عنق زجاجة المأزق". وعليه، يضيف المصدر "فان هؤلاء يسلكون مسلك قصة دونكيشوت، لذا لجأوا الى لعبة اعلامية - سياسية لكي يبرروا مضيّهم قدماً في عبثيتهم وعدميتهم السياسية، من معالمها:

- تفسير الموقف الفرنسي بحسب حساباتهم المصلحية، فسارعوا الى الزعم بان باريس تراجعت عن الدور الذي بدأته مع علمهم اليقيني بجوهر هذا الموقف وحقيقته.
- في السياق عينه، يفسر هؤلاء الموقفين السعودي والاميركي كما يشتهون مع ادراكهم بان كلا الدولتين لا تتدخلان في التفاصيل ولا تعترضان على اي نتيجة يتفق عليها اللبنانيون".

ويضيف المصدر النيابي في "حزب الله": "الواضح ان الفريق الذي يبني مجده على مخاصمتنا لا يملك اي برنامج إلا مواجهتنا، لذا أدمن لعبة تبديد الفرص وتضييع الوقت وتعزيز ثقافة العبثية واستغلال اي مستجد مهما كان حجمه الى درجة انهم سارعوا الى استثمار مسبق لزيارة وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان الى بيروت ليزعموا انه أتى ليبحث في ما بعد سقوط خيار فرنجية مرشحاً وليظهر في الموازاة اننا نستعد للتراجع عن موقفنا".

ويستطرد المصدر: "حيال كل هذا التشويش وتضييع الحقائق نؤكد مجددا ان الحزب وحلفاءه ما زالوا في مربعهم الاول المعلن والقائم على انه عندنا مرشح معلوم ولسنا اطلاقا في وارد التخلي عنه أو البحث في أي خيار آخر، فما زلنا مقتنعين به ولم نرشحه سعيا الى مقايضة او مناورة. وقد كان رئيس مجلس النواب نبيه بري ينطق بلسانه وبلساننا معا عندما قال ذات يوم بصريح العبارة: هذا هو مرشحنا للرئاسة الاولى فتعالوا بمرشحكم المتفقين عليه وتعالوا نحتكم وإياكم الى صندوق الاقتراع في القاعة العامة للمجلس ونقبل ما يفرزه هذا الصندوق" .

ويخلص المصدر اياه الى انه "من منطلق التنبيه والتحذير من مغبة المضيّ بعيدا في لعبة العبثية وتضييع الوقت واهدار الفرص، أتى تحذير الحزب على لسان قيادييه، ولم يكن ابدا من منطلق الرغبة بالتهويل أو التهديد".