ابرز ما تناولته الصحف الصادرة ليوم الاحد ٣٠ نيسان ٢٠٢٣



كتبت الراي الكويتية 

يُنتظر أن يشهد لبنان بعد عطلة عيد العمال محاولةً جديدة لكسْر الاستعصاء الداخلي الذي يحتجز الانتخابات الرئاسية التي لا يمكن إغفال أبعادِها الإقليمية وتأثيراتها في تحديد اتجاهاتِ استحقاقٍ يراوح في دائرة الفراغ منذ الأول من نوفمبر الماضي.

وتشير معطياتٌ في بيروت إلى أن مساعي ستُبذل لإحياء قنوات التواصل، بطريقةٍ أو أخرى، بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، الذي يقوده النائب جبران باسيل في سياق محاولةِ إزالة العقبة الرئيسية الداخلية في طريق وصول زعيم «تيار المردة» سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا، والمتمثّلة في رفْض الكتل المسيحية الرئيسية، على ضفتيْ الموالاة والمعارضة، انتخابه، من دون أن تكون قادرةً على الاتفاق على اسمٍ مشترك يشكل مرتكزاً لتقاطعاتٍ سياسية تُبْعِد هذا الاستحقاق عن منطق «الصفقات» سواء التي تروِّج لها فرنسا لإمرار فرنجية أو التي يدفع باتجاهها بعض الداخل لإكمال النصاب العدَدي لهذا الخيار، وتالياً تسهيل حصوله على laissez-passer عربي – دولي.


وترتكز محاولة «تدليك» المسار اللبناني للأزمة الرئاسية على:


* أولاً كون العقدة الداخلية والمسيحية خصوصاً مانِعاً حقيقياً أمام فرنجية ولا يجوز التقليل من أهميته، بمعزل عن كل المناخات المتضاربة عن أجواء إقليمية، إما ما زالت غير راضية عن وصوله وإما باتت غير مُمانِعة.

* ثانياً أن «المنصة» العربية – الدولية التي أريد لها أن تشكل عاملَ إحاطة بالواقع اللبناني انطلاقاً من الأزمة الرئاسية، لم تَظهر «على الموجة نفسها» في ما خص أسس الحلّ، ولا سيما في ظلّ تَفَرُّد فرنسا بالإصرار على تبنّي خيار فرنجية على قاعدة مقايضته برئيس حكومة قريب مما كان يُعرف بـ 14 مارس، وهو ما نُقل عن أجواء أميركية أنه «اجتهاد خارج النص» و«ذَهَبَ أبعد من المطلوب»، فيما اعتُبر تحرُّك الموفد القطري الذي يُنتظر أن تكون له جولة لقاءات جديدة في بيروت قريباً إشارةً إلى «مسار موازٍ» يعبّر عن مقاربة الثلاثي العربي، السعودية ومصر وقطر، لمرتكزات المخرج الذي يتجاوز الانتخابات الرئاسية واسم الرئيس إلى التوازنات التي سترعى مجمل الوضع في «بلاد الأرز» وتؤشر إلى استعادته توازنه السياسي كما إلى وضْعه على سكة الإصلاح المالي.


* وثالثاً أن إيران التي زار وزير خارجيتها حسين أمير عبداللهيان لبنان على مدى يومين، أطلقت ما بدا رسالة استباقية إلى أنها ليست في وارد الضغط على حلفائها للتراجع عن دعْم فرنجية، مكرّسة وضْع هذا الملف في عهدة ورعاية قيادة «حزب الله»، مع تأكيد أن «طهران ستستفيد من القدرات السياسية لديها في تشجيع استكمال العملية السياسية من خلال التوصيات التي تعطيها بشكل أخوي إلى أصدقائها في لبنان»، مشدداً على أنه «استناداً إلى الدستور اللبناني فإن أي شخصية لبنانية مرموقة تصل إلى سدة الرئاسة استناداً إلى التوافق بين اللبنانيين سيكون مرحَّباً بها في إيران، ونحن لم ولن نتدخّل في انتخاب اللبنانيين لرئيسهم، واللبنانيون عندما يتفقون على أي شخص فان إيران ستدعم ذلك بكل قوة».


وفي حين عَطَف عبداللهيان موقفه من الملف الرئاسي على «أن وجود لبنان في الخط الأمامي للمواجهة والمقاومة يجعله يحظى دائماً باهتمام الجمهورية الإسلامية – الإيرانية»، فإن خصوم «حزب الله» المحليين لم يتوانوا عن اعتبار أن وزير الخارجية الإيراني لم ينجح في الإبقاء على «القِناع» الذي ارتداه خلال محطته اللبنانية ساعياً إلى إظهار «وجه جديد» لبلاده في أعقاب تفاهم بكين مع الرياض، عبر دعوة مختلف الكتل النيابية (ما عدا القوات اللبنانية) إلى لقاء السفارة الذي قاطعتْه غالبية المعارضة (ما خلا ممثل لكتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي حَمَل ثوابت الحزب التقدمي)، كما من خلال النأي عن الدعم المعلَن لفرنجية واعتبار هذا الاستحقاق لبنانياً بحت.


وفي رأي هؤلاء الخصوم أن زيارة عبداللهيان لبلدة مارون الراس ونصب قاسم سليماني هي إشارة لا تحتمل اللبس حيال اعتبار طهران لبنان خطاً متقدماً للمحور الإيراني وأجندته الإقليمية، متوقفة عند تعمُّد وزير الخارجية الإيراني، الذي غادر لبنان إلى سورية، الاتصال من بيروت برئيس حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في غزة يحيى السنوار.

وتعاطى هؤلاء مع كلامٍ لرئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد أمس على أنه في إطار «حماية» الموقف الإيراني من «لبْننة الأزمة والحل» في الملف الرئاسي، وتجنيب طهران أي ضغوط خارجية لحضّها على تليين الحزب موقفه من ترشيح فرنجية، وذلك رغم عدم اقتناع دوائر أخرى بوجود مثل هذا الضغط، في ظل بقاء التحولات الإقليمية المستجدة في المنطقة في مرحلةٍ اختبارية وفق أولوياتٍ قد يكون الملف اللبناني آخِرها.


فرعد أعلن أن «لا سبيل لإنجاز الاستحقاق الرئاسي إلا بتفاهم الجميع».


وقال: «دعمنا مرشحاً للرئاسة لكن لم نغلق الأبواب، ودعوْنا الآخرين وحثثناهم من أجل أن يطرحوا مرشحهم وقلنا تعالوا لنتباحث لكن ثمة مَن ينكر علينا الحق في أن ندعم مرشحاَ للرئاسة ويريد أن يفرض الرئيس الذي يريد».

وأكد «أن الفعل الذي أحدثه شعبنا على مستوى المعادلات السياسية مع دول كبرى ومع عدو يتهدّد كل المنطقة، هذا الشعب يستطيع أن يفعل الكثير وأن يقرّر مصيره ولا نقول إنه يمكن أن يستغني عن الآخَرين، فلا أحد يستطيع أن يستغني عن الآخرين، والناس تمدّ يدها لبعضها البعض ولنا في العالم والمنطقة أصدقاء لكننا لسنا أتباعاً لأحد»، مشدداً على «أن من حافظ على كرامته وكرامة وطنه وضحى من أجل أن يصونها لا يمكن له أن يبذلها في صندوق اقتراع إرضاء لهذه الجهة الدولية أو تلك».

ولفت إلى أن «الاستحقاق الرئاسي هو استحقاق وطني بامتياز وعلى اللبنانيين أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه هذا الاستحقاق، ويجب أن ينجز هذا الاستحقاق بأسرع وقت ولن يتحقق إنجاز هذا الاستحقاق إلا بتفاهم متبادل بين اللبنانيين. ويجب أن نختار من لا يثير العداوات والانقسامات ولا يحرض فئات من اللبنانيين ضد بعضهم البعض».

وفي المقابل، تساءلت بعض الأوساط هل كلام رعد هو في إطار محاولة استدراج المعارضة للكشف عن أوراقها الرئاسية المكتومة، أم «توسيع الكوع» في الملف الرئاسي والسعي للبحث عن خيار غير فرنجية، عبر الإيحاء أن هذا تراجُع محلي وليس «خسارة بالنقاط» لطهران تُمْليه مخاطر ترْك الفراغ الرئاسي يستفحل أكثر، متوقفة عند مناخاتٍ تشيع بأن الحزب في خيار زعيم «المردة» يقف خلْف الرئيس نبيه بري الذي كان أول مَن جاهر بدعم فرنجية وحضّ الحزب على تبنيه بناء على نصيحة فرنسية.

ولم يكن عابراً أمس موقف ستتضح آفاقه في الأيام المقبلة، وأطلقه الوزير السابق مروان شربل الذي أعلن أن رعد أبلغ إلى نائب رئيس البرلمان إلياس بوصعب (من تكتل باسيل ولكن متمايز عنه) الذي زاره «استعداد حزب الله للتفاوض مع الفريق الآخر على مرشح يرضي الجميع ويقنعه بالتخلي عن فرنجية على أن يلتقي بوصعب رئيس القوات سمير جعجع يوم الثلاثاء». علماً أن أوساطاً أخرى ربطت الزيارة لرعد ببداياتِ «كسْر الصمت» بين حزب الله والتيار الحر.

وفي موازاة ذلك، بقي ملف النازحين السوريين على توهُّجه، حيث ذكرت قناة «إم تي في» اللبنانية أن المدير العام للأمن العام بالإنابة العميد إلياس البيسري زار دمشق بعدما تم تكليفه رسمياً بمتابعة ملف النزوح السوري، كما التقى ممثلين عن مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة وأخذ منهم وعداً بتسليمه الداتا المتعلقة بالنازحين مطلع الأسبوع المقبل.

وفي سياق متصل، طلب وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب خلال لقائه نائبة المدير العام ورئيسة إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية السويدية صوفي بيكر ترافقها سفيرة السويد في لبنان آن ديسمور «توضيحاتٍ رسمية حول التصريحات المتداولة في فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي للمواطن السويدي كمال اللبواني التي يدعو فيها النازحين السوريين في لبنان لمخالفة القوانين اللبنانية، ويحرضهم على العنف والكراهية وحمل السلاح في لبنان».

ووفق بيان للخارجية «ستتابع الوزارة التطورات في هذه القضية التي تمس الأمن القومي الوطني بانتظار الحصول على التوضيحات المرجوة من السلطات المختصة».