فرار موظفين في أمانة سجلّ عاليه إلى الخارج: تحقيقات عقارية الشوف: هل تسقط الحماية السياسية؟


أمانة السجلّ العقاري في الشوف في قفص الاتهام مجدداً. لم يكد يمرّ شهر على مباشرة التحقيقات في فضيحة نقل عقارات وليد جنبلاط، حتى بدأت وفق معلومات «الأخبار» التحضيرات لاستجواب موظفي السجل في ملفات فسادٍ انتهى التحقيق الأوّلي بشأنها مع زملائهم في عقاريّتَي بعبدا وعاليه تباعاً. إلا أن المسّ بـ«جماعة الشوف» له بعده المرتبط بحماية سياسية أمّنها «البيك» لرئيس السجلّ نفسه المتواري عن الأنظار

ضجّت النيابة العامة في جبل لبنان وأمانات السجل العقاري بخبر فرار عددٍ من موظفي أمانة السجلّ العقاري في عاليه إلى سوريا وقبرص، بعد توقيف شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي تسعة من زملائهم نهاية الأسبوع الماضي، بناءً على إشارة المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي سامر ليشع. الأخير كان قد أنهى تحقيقاته في ملفات فساد وإثراء غير مشروع في عقارية بعبدا قبل الانتقال إلى عقارية عاليه، ما دفع بهؤلاء إلى الهروب من تحقيقاتٍ «تتّسم حتى الآن بالجدية». وبحسب المصادر، فقد تبيّن أن «بعض موظفي عقارية بعبدا لم يسحبوا رواتبهم الشهرية الموطّنة من المصارف على مدى سنوات»، ما يشير إلى حجم الأموال التي كان هؤلاء يحصّلونها من الرشى والسمسرات، إلى حد استغنائهم عن رواتبهم لفترات طويلة.

التوسّع في التحقيقات إلى عقارية عاليه لم يكن مفاجئاً، إذ إنها جزء من عقارية بعبدا وتقع ضمن صلاحيات النيابة العامة في جبل لبنان، شأنها شأن أمانة السجل العقاري في الشوف. غير أن التوقعات بشأن التوصل إلى نتائج في ما يتعلق بعقارية الشوف غير مرتفعة، نظراً إلى الغطاء الذي يحظى به موظفوها من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. وقد بدا ذلك واضحاً بعد تحريك النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون ملفاً مرتبطاً بعقارية الشوف، على خلفية نقل جنبلاط ملكية أكثر من 300 من عقاراته إلى نجله تيمور بصورة مخالفة للقانون. إذ يتعذر على جهاز أمن الدولة، منذ ما يزيد على شهر، تبليغ أمين السجل في الشوف هـ. طربيه الذي تصفه مصادر قضائية بـ«الهارب من وجه العدالة»، بطلب عون الاستماع إليه. كما لم تستطع إحضاره بالقوة لغيابه الدائم عن مكان سكنه.
وتؤكد مصادر قضائية أن القاضي ليشع طلب من دوائر الشؤون العقارية بيانات نفي ملكية لموظفي السجلّ العقاري في الشوف، وعددهم حوالي 18، لمعرفة ما يمتلكونه من عقارات، كما طلب من مصلحة النافعة إبلاغه بأعداد وأنواع المركبات المسجّلة بأسمائهم. ومن المصارف إيداعه كشوفات عن حساباتهم. ومن الكتّاب العدل عبر وزارة العدل إبلاغه بما لديهم من معاملات تخصّ الموظفين، كالاتفاقيات والعقود غير المسجّلة للتحقق من امتلاكهم عقاراتٍ غير مسجّلة رسمياً بأسمائهم.
يسير ملفا ليشع وعون بالتوازي. ورغم تأكيد مراجع قضائية «عدم تعارضهما»، نظراً إلى تخصص تحقيقات ليشع بقضايا الفساد والرشى والسمسرات وانحصار مهمة عون بملف جنبلاط، إلا أن «الاثنين يحتاجان إلى استجواب أمين السجل هـ. طربيه». وفي الأجواء توقعات بـ«تعاون قد يحصل بين عون وليشع في جزئية استجوابه». وفي حال نجاح فرع المعلومات في إحضاره بتكليف من ليشع «قد تستفيد عون من ذلك، وهي بصدد التنسيق معه بهذا الخصوص».
فضائح العقاريات تفوح روائحها من شمال البلد إلى جنوبه وبقاعه، مروراً ببيروت. وقبل أن يتّخذ القرار بوقف غضّ النظر عن موبقات أمانات سجلّ جبل لبنان في تشرين الثاني الفائت، أوقفت قاضية التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار أمين السجل العقاري في زغرتا مع عددٍ من الموظفين عن العمل وجمّدت أموالهم، بعد التحقيق معهم بقضايا تزوير ورشوة. لتبقى عقاريات الجنوب وبيروت خارج دائرة الضوء حتى اليوم، وكأن الفساد لم يعرف مكاتبها. فماذا ينتظر قضاة النيابات العامة في الجنوب وبيروت!
جريدة الاخبار